على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

هناك من لا يزال يصدّق حكاية الحرب الباردة والجدار الحديدي بين «الحريّة» و«العبوديّة». أُنفقت ملايين الدولارات لبثّ هذه الدعاية الفجّة. تخيّل أنّ هناك من لا يزال يصدق الحكاية أنّ أميركا كانت تريد حرية الشعوب فيما كان الاتحاد السوفياتي يعارضها. خذ قصّة إيطاليا بعد الحرب. الحزب الشيوعي الإيطالي سيطر على الشمال وكان في طريقه للفوز بالانتخابات عندما وصل إليها في الخمسينيّات عميل المخابرات الأميركية ويليام كولبي (أصبح مديراً للمخابرات في ما بعد ومات غرقاً في عام 1996. الحكومة الأميركية قرّرت أنّه مات ميتة طبيعية، لكنّ ابنه كارل جزم بأنه انتحر بسبب تعذيب الضمير على أفعاله). أميركا شوّهت الحياة السياسية والديموقراطية في إيطاليا. عطّلت إرادة الشعب الإيطالي وقرّرت بالنيابة عنه أن عليه أن ينتخب الحزب الديموقراطي المسيحي الرجعي. العمليات السريّة أغدقت الملايين لدعم الحزب، وموظّفو المخابرات وهيئة المعلومات الأميركيّون هم الذين خطّطوا ونظّموا الحملات الانتخابية للحزب. بحلول عام 1956، عمل في هيئة المعلومات الدعائيّة الأميركيّة 50 أميركيّاً و250 إيطاليّاً (غير موظّفي الوكالة) وهم كتبوا مقالات في الصحف وصمّموا ملصقات ضد الشيوعيّة واشتروا صحافيّين إيطاليّين (راجع كتاب «محارب الظلّ» عن كولبي). وكان كولبي ناشطاً في خطة شقّ اليسار في إيطاليا لعزل الشيوعيّين عن غيرهم. الكنيسة في إيطاليا (وبإشراف من بابا الفاتيكان) كانت أداة بيد الحكومة الأميركيّة لمنع التقدميّين والشيوعيّين من الفوز. المال الأميركي الكثير هطل على أحزاب اليمين والوسط والليبراليّين والكنيسة (هاري ترومان قدّم 350 مليون دولار رشوةً للفاتيكان). الرجعيّة الدينية والسياسية هي التعبير عن الحرية، بتعريف الحرب الباردة الأميركيّة. الحزب الشيوعي لم يفز بالانتخابات في الخمسينيات والستينيّات لأن أميركا كانت تمنعه بالقوة. عمليات سرية جرت لا نعلم عنها وهي تضمّنت ليس فقط التضليل بل حتى القتل والتفجير والأكاذيب. (حاول ابن ويليام كولبي التلميح إلى ما جرى في الفيلم الوثائقي الذي أعدّه عن والده باسم «الرجل الذي لم يعرفه أحد»). هل بتّم تعرفون كيف جرت الانتخابات في لبنان من وراء الستار عام 2022؟

0 تعليق

التعليقات