عُرفت نصوص المسرحي الإيطالي داريو فو (1926-2016)، بأنها عنيفة، غير مهذّبة، تمزج بين التهريج الملحمي والقضايا التاريخية والدينية والاجتماعية والسياسية. والنتيجة عرض كوميدي شعبي، تمتزج فيه جماليات المسرح مع الموقف السياسي. استناداً إلى رؤية فو هذه، تنطلق «غيّر يا غزيّل» (2 ، 3، 4، أيار)، على خشبة «المسرح الوطني اللبناني» في صور، عن نص مسرحية «لا نستطيع أن ندفع... لن ندفع» (1974)، التي كتبها فو عقب الأزمة الاقتصادية في أوروبا أواخر سبعينيات القرن الماضي.حبكة النص تسرد احتجاج عدد من السيدات على ارتفاع الأسعار داخل أحد المحالّ التجارية، نتيجة التضخم المالي الذي تعيشه البلاد، ما يدفعهن إلى أخذ المشتريات، من دون دفع ما يتوجّب عليهن، كتمرد على الوضع القائم. تقوم حبكة «غيّر يا غزيّل» على الكوميديا الهزلية، تجسد أحداثها أربع شخصيات أساسية (فريدة، أديبة، شفيق وتيسير)، تحكي عن معاناتها المعيشية. مسرحية محمّلة بدلالات عن استغلال الطبقة الحاكمة للشعوب المضطهدة والمظلومة، والدعوة إلى المساواة والعدالة والحق. ويشارك في الأداء أيضاً عدد من الممثلين الهُواة.
إذاً، تتجزأ «غيّر يا غزيّل» التي تغلب عليها الكوميديا «ديلارتي»، إلى فضاءين مختلفين من العرض. الجزء الأول، يؤديه عدد من الهواة، بعد ورشة عمل قام بها مؤسس «المسرح الوطني» قاسم اسطنبولي معهم. أما الجزء الثاني، فتولّت إخراجه جنى الحسن وهو من تمثيل: قاسم اسطنبولي، نورا حسام الدين، لارا الحاج وحمزة نضر... ليكون العرض المسرحي برمّته، من توليف وإخراج جنى الحسن، الآتية من عالم الحركة والرقص المعاصر والتمثيل.
رغم كثافة المضامين هذه، إلّا أن العمل لا يتبنى النظرية الاشتراكية لداريو فو الذي كان نصيراً للمقموعين والطبقة العاملة... بل إنّ مخرجة العمل «أخذت هذه المفاهيم أبعد من الرؤية الاشتراكية، لتصل إلى محاكاة المفاهيم الإنسانية التي تحتم أولاً وآخراً عدم قبول الاستعباد».
يأتي العرض في رؤية إخراجية تعتمد على سمات المسرح الفقير. تتقلص الخيارات السينوغرافية من أغراض، وأدوات، وأكسسورات، وأزياء، لخدمة المعاني التي يحملها النص. في هذا الصدد، تقول جنى الحسن، إنَّ «جمهور الأطراف يختلف عن الجمهور الأكاديمي والنخبوي في المدينة». لذلك، عملت على إعداد النص وفق مراحل عديدة. «تمّت ترجمة النص من اللغتين الإنكليزية والفرنسية إلى العربية. بعد ذلك، تمّت «لبننة» النص، بما يتوافق مع البيئات المهمّشة ليحاكي مصطلحاتهم اليومية والبسيطة». في هذا السياق، يؤكد قاسم اسطنبولي أن هذا العرض، يأتي «دفاعاً عن مطالب الناس المحقّة، خصوصاً مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي. لذلك يتلاءم تقديم النص مع السياقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها المواطنون». «غيّر يا غزيل» التي تقارب الأزمة المعيشية في قالب درامي هزلي، ستجول لاحقاً على عدد من المناطق اللبنانية بما فيها صيدا وطرابلس، لتضع الشعب أمام مناصره داريو فو، الذي لم يكلّ في الدفاع عنه.

«غيّر يا غزيّل»: 2 و 3 و 4 أيار (مايو) ــــ «المسرح الوطني اللبناني» (صور ـ جنوب لبنان) الحضور مجاني والحجز ضروري ــ للاستعلام: 81/870124