على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

عبد الناصر ضدّ الشيوعيّين؟ صحيح أنّ عبد الناصر حارب الشيوعيّين في زمانه. لكنه كان على حقّ. مشروع عبد الناصر كان أكثر جذريّة (في العدالة الاجتماعيّة والسياسة الخارجيّة) من مواقف الأحزاب الشيوعيّة العربيّة. هو حارب في فلسطين ورفض قرار التقسيم فيما انصاعت كل الأحزاب الشيوعيّة ـــ كلها يعني كلّها ـــ لأوامر الاتحاد السوفياتي في قبول التقسيم. هو طرح مشروع حرب عصابات ضد الاحتلال الإسرائيلي في الخمسينيّات ودعم مقاومة رائدة في غزة، وأصاب مصر الدمار والتخريب من إسرائيل من جرّاء ذلك. هو أنشأ أول مشروع وحدوي حقيقي في التاريخ العربي المعاصر، فيما وقف الشيوعيّون العرب ضدّه. ثم هناك مسار الأحزاب الشيوعيّة واتجاه عدد منها نحو التّحابّ مع الاحتلال الغربي (العراق) أو الليبراليّة (في لبنان وخارج لبنان) أو نحو التطبيع أو مهادنة العدوّ (بعض شيوعيّي مصر أمثال لطفي الخولي). وقد وقف الشيوعيّون ضد عبد الناصر عندما كان العالم الغربي ودول الرجعيّة العربيّة وإسرائيل يشكّلون جبهة عالميّة ضدّه. أكيد أنّ عبد الناصر كان على حق والشيوعيّين كانوا على خطأ في عدائهم. ألا يريد الشيوعيّون تحقيق العدالة الاجتماعيّة؟ عبد الناصر ذهب بعيداً في ذلك وتحدّث عن الفقراء أكثر ممّا سمعت قادة الحزب الشيوعي اللبناني أو السوري يتحدّثون عن الفقراء. والغرب شنّ حملات وحشيّة ضد عبد الناصر، والحكومة الأميركيّة على الأرجح تورّطت في تسميم أو قتل عبد الناصر بطريقة ما، وكل هذا وهناك من يقول إنّ عبد الناصر «قمع» الشيوعيّين العرب؟ مشروع عبد الناصر كان جذريّاً إلى درجة أنّ شعار «لا صوتَ يعلو فوق صوت المعركة» كان في محلّه تماماً. (عدّل حازم صاغية في جريدة محمد بن سلمان، «الشرق الأوسط»، الشعار وحوّله في دعوته إلى تقييد حريّة التعبير في لبنان إلى: لا صوتَ يعلو (في لبنان) فوق صوت مصلحة النظام السعودي العليا، وهو بذلك كان يؤيّد قمع السعوديّة لحريّة التعبير في لبنان. الشيوعيّة العربيّة مشروع معتدل، ولا ضيرَ من الاعتراف بذلك. عبد الناصر سبقهم بأشواط.

0 تعليق

التعليقات