على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

تصوّر مثلاً أن يكون هناك برنامج حواري تلفزيوني مُشاهَد ويديره أحد أفسد الناس. تصوّر أن يكون الرجل يتلقّى دفوعات ماليّة من السياسيّين (الأثرياء منهم فقط) والسفارات (الثريّة) ــــ على أنواعها ــــ كي يقول ما يناسبها وليحظّر قول ما يزعجها. وتصوّر أنّ الرجل يتلقّى تمويلاً عبر السنوات عن مقابلات كثيرة ترويجيّة لا غرضَ لها إلا البروباغندا. تصوّر أن يكون الرجل يروِّج لمنصب دولي (غير موجود) لصديق يموّله. وتصوّر أنّ الرجل الذي يتلقّى عبر العقود تمويلاً من أصحاب مصارف فاسدين يتصنّع لنفسه دور الثائر ــــ لكن بالمفهوم اللبناني للثورة (الذي يصف نفسه بالثائر في لبنان هو الرجل اليميني الرجعي الذي يقف في تضاد مع الثورة ـــــ الثورة نظريّاً لأنّ الثورة الحقيقيّة غير موجودة). وتصوّر أنّ الرجل الفاسد هذا يعلِّم مادة الإعلام في الجامعة. والإعلامي الفاسد يتباسط ويتمازح مع الزعماء لأنّهم يحضرون حفلات العشاء والسهرات ودبكات الحائط نفسها. أهليّة بمحليّة. ولو أرادَ ابن الزعيم دخول المعترك السياسي بأمر من الوالد، فالإعلامي نفسه يتولّى المهمّة ويطلعه على الأسئلة قبل الحلقة ويجيب عنه عندما يتعثّر. أفسد إعلامي «مدرسة في الإعلام»، بحسب المعايير الخليجية للمهنة. فإعلام الخليج الاستبدادي بات هو الذي يعطي الإعلام معايير، وهو الذي يمنح جوائز وتقديرات الإعلام العربي. هذه كأن يتلقّى رياض سلامة جوائز أفضل حاكم مصرف مركزي. الإعلامي هذا رجلٌ واحد أو رجال ـــــ ونساء أيضاً. فمَنْ قال إنّ الفساد الإعلامي حكر على جندر؟ الإعلامي هذا لبناني (ولبنانيّة)، لكن عندك نسخة منه في كلّ بلد عربي، إلّا أنّ عاصمة هؤلاء هي دبي وقريباً الرياض. والإعلامي يُكرَّم في بلاد الاغتراب ويخصِّص بدوره حلقات لبعض المُغتربين (الأثرياء طبعاً) ويروِّج لهم. في المقابل، يحصل الإعلامي على دروع تكريميّة. والإعلامي عندما يُعلّم في أكثر من جامعة في لبنان، يحتدّ عندما يتحدّث في مادة «أخلاق المهنة». وهل هناك مَنْ يعرف عن أخلاق وآداب المهنة أكثر من الذي ليس لديه منها ذرّة واحدة؟

0 تعليق

التعليقات