يحقّ لفرنسا أن تزهو بأنّها باتت عاصمة العنصريّة الإسلاموفوبيّة في كلّ الغرب. باتت الإسلاموفوبيا الوقحة عقيدة مشتركة بين كلّ الأحزاب الفرنسيّة. ومنذ لجنة «ستاسي» في عام 2003، أصبح العداء للإسلام والحجاب ركناً من أركان العلمانيّة الفرنسيّة. والقانون الذي وقّعه جاك شيراك (الرجل الذي ارتشى من أكثر من حاكم وثري عربي) يمنع الحجاب «والرموز الدينيّة» من المدارس الرسميّة. لم يكن هناك شكّ في أنّ القانون لم يكن موجّهاً ضدّ القلنسوة اليهوديّة أو الصلبان التي لم تزعج العلمانيّة الفرنسية ـــ وهي علمانيّة تلحظ تمويل مدارس دينيّة على ألّا تكون إسلاميّة ـــ طبعاً. جاك شيراك وصف الحجاب بأنّه «رمز عدائي»، فيما أفتى ماكرون قبل أيّام بأنّ تمويل ودعم فرنسا للمسيحيّين المشرقيّين يندرجان ضمن العلمانية الفرنسيّة (ظريف أنّ الحديث عن علمانيّة فرنسا يستخدم المصطلح الفرنسي «لايسيتي»، ربّما لإبهارنا بمصطلحات الجمهورية الفرنسيّة). قانون فصل الدين عن الدولة لم يصدر في فرنسا قبل القرن العشرين. ما علاقة لبنان؟ منع مجمّع ABC التجاري محجّبة من العمل لديه بحجّة أنّ سياسة المساواة (صار المجمّع حزباً سياسياً) تمنع إظهار أيّ رمز ديني. لكن طبعاً، هم لا يعنون ذلك. يمنعون الحجاب فقط لو كان مسلماً ويسمحون به لو كان من ضمن الرداء لغير المسلمة. لو كان من ضمن زي غربي أو مسيحي فهو مُرحَّب به. من المشكوك فيه أنّ المجمّع طرد راهبة في تاريخه. استورد لبنان العنصريّة الغربيّة في عهد الاستعمار الفرنسي وهو اليوم يستعير بحماس الإسلاموفوبيا الغربيّة (ويُظهر ذلك في خطاب الكنيسة والأحزاب ـــ للبطريرك صفير كلام عن الفارق بين الإسلام والمسيحية). وكانت الطائفيّة المسيحيّة تاريخياً معادية للإسلام (ليس هناك من تشابه مع طائفيّات أخرى لأنّ الأولى كانت تأسيسيّة في الكيان وتمتلك زمام السلطة).
مقاطعة ABC هي فعل إيمان بالمساواة.