بفارق ساعات قليلة، خسرت مصر أخيراً قامتَيْن فنيّتَيْن كبيرتَيْن: عايدة عبد العزيز (1930 ــ 2022) وجلال الشرقاوي (1934 ــ 2022). أوّل من أمس الخميس، توفيت الممثلة المصرية، عن عمر ناهز 92 عاماً بعد صراع مع المرض، لتنطفئ بذلك إحدى أيقونات الدراما المصرية التي تميّزت بتجسيد أنماط مختلفة من الشخصيات بـ «براعة»، على حدّ تعبير وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم.
وُلدت عايدة في عام 1930 وتخرّجت من المعهد العالي لمعلّمات الفنون (قسم الرسم) في 1956، وعملت لفترة قصيرة في مجال التدريس قبل أن تلتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية. انضمت إلى مسرح التلفزيون كما اشتركت في أعمال إذاعية وسهرات تلفزيونية، لتسافر في 1962 إلى إنكلترا مع زوجها الفنان أحمد عبد الحليم ضمن بعثة دراسية.

شكّل المسرح عشقها الأكبر، فقدّمت على خشبته باقة منوّعة من الأدوار في أعمال مثل: «ثمن الحرية»، و«تحت المظلة»، و«نادي العباقرة»، و«مهاجر بريسبان»، و«دائرة الطباشير القوقازية»، و«عودة الغائب»، و«لعبة السلطان»، و«الست هدى»، و«أحلام شقية»، و«جواز على ورقة طلاق».
وفي السينما، قدّمت عشرات الأفلام، نذكر منها: «خرج ولم يعد» (1984 ــ إخراج محمد خان)، و«شارع السد» (1986 ــ إخراج محمد حسيب)، و«النمر والأنثى» (1987 ــ إخراج سمير سيف)، و«بوّابة إبليس» (1993 ــ إخراج عادل الأعصر)، و«عفاريت الأسفلت» (1996 ــ إخراج أسامة فوزي)، و«كشف المستور» (1994 ــ إخراج عاطف الطيب)، و«بحب السيما» (2004 ــ إخراج أسامة فوزي)، و«الحرامي والعبيط» (2013 ــ إخراج محمد مصطفى)، و«حائط البطولات» (2014 ــ إخراج محمد راضي).
أما على الشاشة الصغيرة، فقد تركت بصمتها في مسلسلات عدة من بينها: «زينب والعرش» (1980 ــ إخراج يحيى العلمي)، و«برديس» (1985 ــ إخراج فايز حجاب)، و«المكتوب على الجبين» (2011 ــ إخراج حسين عمارة)، و«أيام المنيرة» (1994 ــ إخراج وفيق وجدي)، و«ضمير أبلة حكمت» (1991 ــ إخراج إنعام محمد علي)، و«هالة والدراويش» (1994 ــ إخراج عبد العزيز السكّري)، و«غاضبون وغاضبات» (1993 ــ إخراج وجيه الشناوي)، و«موجة حارة» (2013 ــ إخراج محمد ياسين).
لم يمرّ وقت على الإعلان عن هذا الخبر الحزين، حتى مُني الوسط الفنّي في المحروسة بخسارة أخرى، تمثّلت في رحيل جلال الشرقاوي، أحد روّاد المسرح المصري، عن عمر ناهز 88 عاماً، متأثّراً بمضاعفات إصابته بفيروس كورونا التي استدعت وجوده في غرفة العناية المركّزة لفترة.
وقّع الراحل عدداً من المسرحيات الناجحة التي استمر عرض بعضها لوقت طويل، من بينها «دستور يا أسيادنا» و«عطية الإرهابية» و«كوتش» و«أشطة وعسل» و«بحبّك يا مجرم»، بالإضافة طبعاً إلى رائعته «مدرسة المشاغبين» التي استحالت من كلاسيكيات المسرح العربي. كما كانت للشرقاوي مشاركات تمثيلية في بعض الأعمال، من ضمنها مسلسل «المفسدون في الأرض» (1973 ــ إخراج سامي محمد علي)، وفيلمَا «موعد مع القدر» (1986 ــ إخراج محمد راضي) مع محمود ياسين ويسرا ونبيلة عبيد و«خلّي بالك من عقلك» (1985 ــ إخراج محمد عبد العزيز) مع عادل إمام وشريهان.
كانت جعبة الراحل مليئة لناحية التحصيل العلمي، إذ حصل على بكالوريوس العلوم من جامعة القاهرة (1954)، ودبلوم خاص في التربية وعلم النفس من جامعة عين شمس (1955)، وبكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية (1958)، ودبلوم إخراج من معهد «جوليان برتو» للدراما في فرنسا (1960)، ودبلوم إخراج من المعهد العالي للدراسات السينمائية من فرنسا (1962 ــ قسم إخراج).
شغل خلال مشواره الفنّي وظائف عدّة، منها مدرّس التمثيل والإخراج في المعهد العالي للفنون المسرحية (1962)، ومدير مسرح توفيق الحكيم (1967)، وأستاذ التمثيل والإخراج في المعهد العالي للفنون المسرحية، ورئيس قسم التمثيل والإخراج (1975) وعميد المعهد العالي للفنون المسرحية (1975 و 1979). كما كان أستاذاً متفرّغاً في المعهد منذ سنة 2006.a