يشهد مسرح «البيت الروسي» (فردان ــ بيروت)، اليوم الخميس احتفال إطلاق «كونشرتو العود» للمؤلّف الموسيقي عبد الله المصري (الصورة) برفقة عازف العود سمير نصر الدين. يتضمّن الحدث مقابلة عبر الفيديو مع المصري، تتخلّلها مقاطع من التحضير للتسجيل، وشهادات من مؤلّفين موسيقيّين (أسامة الرحباني، جمال أبو الحسن، هتاف خوري) حول أهمية وجمالية الكونشرتو، قبل أن يؤدي نصر الدين الـ Cadence على المسرح، وهو مقطع عزف منفرد يتداخل مع فيديو مصوّر للأوركسترا.يعلن المصري في الكتيّب المرفق بالـ CD (يضمّ كونشرتو العود وتريو العود) أنّ نصر الدين رفع سقف جمالية التنفيذ والتقنية المعهودة إلى حدود بعيدة وواعدة، ملتزماً بأكاديمية وصدق متناهٍ في أداء أدقّ تفاصيل المدوّنة الموسيقية: «أحيا كل جزئية بين سطور الألحان ونفخ روح السلطنة والطرب في نص موسيقي يحاكي العقل أوّلاً كطريق لآلام الروح... في هذا التسجيل محطة نادرة لمدرسة الأداء وجمالية التعبير المجبول بتقنية مقنّعة ولامعة لحساب النص الموسيقي المعاصر».
في حديث مع «الأخبار»، يشرح المصري تفاصيل العمل قائلاً: «على مدى ثلاثة أيام، سُجّل الكونشرتو في صيف 2019 مع أوركسترا راديو أورفاي السيمفونية التي تضمّ 90 عازفاً. وسجّلنا تريو العود (عود مع غيتارَيْن) في أكاديمية الكورال الموسيقية في موسكو. أعتبر التجربة ناجحة جداً، إذ إنّها المرّة الأولى التي أقود فيها الأوركسترا لتسجيل أحد أعمالي، كما أنّ أداء سمير كان شديد الروعة وجهوزيّته خارقة».
ويُضيف المصري: «يحمل كونشرتو العود في مضامينه حبكة دراماتيكية. هو مجال للتعبير عن صراع، والعود ذو رمزية دافئة وقريبة للغناء، إلا أنّ وضع هذه الآلة العربية التقليدية يختلف عن آلات الأوركسترا السمفونية. من هنا، أتى العود في الكونشرتو لينطلق ويعطي دوراً كبيراً متحدياً كل المفاهيم التقليدية لهذه الآلة. قدّم لنا سمير خدمة تاريخية في الأداء لأنّه استطاع تقديم النّص الموسيقي بأعلى وأرقى صوره... لم يخف من التجربة». ودعا المصري المهتمين بالموسيقى إلى «البيت الروسي» ليتعرّفوا عن كثب إلى العمل الذي «تأخّر بسبب الصعوبات التي يمرّ بها الكون، وآمل أن يكون لدى الناس الإمكانية للتعرّف على هذا العمل الذي ألّفته في 2012، واتخذنا قراراً بأن يدفع كلّ شخص ما يريده في حال أراد الحصول على الـ CD...».
أما عازف البيانو والناقد الموسيقي محمد صالح، فيؤكد: «لقد تمكّن المؤلف اللبناني الهوية، الروسي الهوى والإعداد الأكاديمي، من تجاوز الصعوبة الأساسية في الكتابة لآلة العود والأوركسترا، وهي طغيان آلات الأوركسترا السيمفونية الكبيرة على الآلة الوحيدة الصغيرة، ببراعة وقدرة على تفريغ النسيج الأوركسترالي ليصبح خلفية للصولو، حتى تتمكّن الآلة الشرقية من عرض آلامها وقضايا وحدتها أمام زخم وعنفوان الأوركسترا... كأنّنا نرى في العود الشرق بأدواته البسيطة والفقيرة والساذجة ربّما، لكن الإبداعية الملهمة بكل تأكيد، تقف ضد آلة الأوركسترا الغربية المهولة والضخمة... وفي الوقت نفسه اللحن الشرقي البسيط أمام التآلفات والإيقاعات والتركيبات الصوتية الأوركسترالية المعقّدة».
ويُضيف: «يبدو المصري هنا كأنّه يمسك بالعود، محاولاً استخراج الأجوبة، فلا يستخرج سوى الأسئلة: أسئلته وأسئلتنا الذاتية جداً، لكنّها في الوقت نفسه وجودية عامة وشديدة الموضوعية... أسئلة حول الشرق والغرب، حول الزمن والحياة والموت والمعنى، في ظلّ واقع متغيّر... أسئلة الهوية بين رحلته من بيروت إلى موسكو وبالعكس.. أسئلة الإنسان الشرقي الذي يمتلك أدوات الفنان الكلاسيكي الغربي الأكاديمي المخضرم، ويحاول من خلالها طرح رؤيته عن الحياة والكون، فيجد نفسه بشكل أساسي أمام أسئلة لا إجابات».

*إطلاق «كونشرتو العود»: اليوم الخميس ــ الساعة السادسة مساءً ــ «البيت الروسي» (فردان ــ بيروت). للاستعلام: 01/790212