خلال احتفال توزيع جوائز «أدونيا» سنة 2010، كان علاء الزيبق يرتجف تحت الأضواء، وهو ينتظر إعلان جائزة أفضل ممثل ثانوي، متنافساً حينها مع عبد الهادي الصبّاغ وعبد المنعم عمايري! الترشيح الظالم وتوجيه الأضواء صوب الشاب، بدّدا يومها جزءاً من قيمة المسابقة التي أقدم عليها المخرج سمير حسين في اختيار مصاب بمتلازمة داون ليلعب دور بطولة في مسلسله «وراء الشمس» (كتابة محمد العاص ــ بطولة بسّام كوسا وباسل خيّاط وصبا مبارك ونادين خوري). رحل علاء الزيبق، وربما كانت التجربة هي أوسع دفقة إعلامية توجّهها سوريا نحو المصابين بهذا المرض، خصوصاً أنّها أتت من بوابة الصناعة الثقيلة الوحيدة في الشام: الدراما. لكن يبدو أنّه رغم التهاوي السوري المتلاحق على الأصعدة كافة، هناك من يبرع في اجتراح أفكار تفسح مجالاً للأمل ولو بمقدار خرم إبرة. هكذا، أطلقت جمعية «جذور الخيرية» أخيراً، مقهى «سوسيت» في «حديقة تشرين» (بالقرب من ساحة الأمويين)، تديره مجموعة شباب مصابين بمتلازمة داون، بعد تدريبهم على مدار ثلاث سنوات. علماً بأنّ الفكرة أُطلقت تدريجاً من خلال مهرجانات محلية عدّة، كانت تقيم مثل هذه المقاهي بشكلّ موقت، قبل أن تنتقل الفكرة من سوريا إلى لبنان ومن ثم عدد من البلدان العربية، وفق ما تؤكد مديرة «جمعية جذور الخيرية» خلود رجب. وتضيف الأخيرة: «يفتح المكان أبوابه بدعم من الجمعية، والتوالف الحكومي عادةً لا يكون مادياً إنّما إحاطة لوجستية. المشروع ليس ربحياً ويعود ريعه للشباب العاملين فيه. المقهى في العمق يهدف إلى الدمج الاجتماعي، وكسر الصورة النمطية عن هذه الشريحة، فيما يعتبر بوابة لدعم هؤلاء الشباب وإدخالهم إلى سوق العمل، وفق آلية فرز تناسب كلّاً منهم. هم حوالى 125 شاباً مدّربين على أصول الضيافة، يمكن الانتقاء منهم لاحقاً للعمل اليدوي والإداري والمكتبي حسب القدرات والخبرات التي يمكن تراكمها عندهم». أما عن كيفية ولادة الفكرة وسط ما تعيشه سوريا اليوم، تقول رجب: «كان من المستحيل غضّ البصر عن مطالب ملحّة لدى أهالي غالبية المصابين بهذا المرض، ومن واجبنا كجمعية تعمل في الشأن العام، وتحديداً مع هذه الشريحة، أن نوصل الصوت شفّافاً كما هو».
لا يقتصر نشاط «جذور» على هذا المطعم. منذ تأسيسها سنة 2016، سعت الجمعية للعمل بمنطق دؤوب وبعيد عن الإعلام، خصوصاً في «مركز مجهولي النسب من ذوي الإعاقة» الذي تديره بالشراكة مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. لذا، تعتبر نفسها مهتمة بكل شرائح المجتمع السوري، ولكن بطريقة تنموية لا إغاثية.