… وتِينةُ أُمِّ وَضّاحٍ قديمَةْأمامَ البيتِ في فَرَحٍ مُقيمَةْ
فلا الأيامُ حَدّتْ مِن جَناها
ولا التاريخُ أفقَدَها العزيمَةْ
لها عشرونَ غُصْناً أرْيَحِيّاً
فكُوْزٌ واحدٌ منها... غَنيمَةْ
ونَحسَبُ فَجوَةً في الجِذْعِ نَقصاً
ونحكُمُ أنّها آمرأةٌ سقيمَةْ
وعند الصيفِ تُدهِشُنا فتبدو
بأكثر مِنْ سلامَتِنا سليمَةْ
على كَتِفِ «المُحَيْرِيْقِ» اسْتَراحتْ
كنَخْوَةِ فارسٍ... عالي الشّكِيْمَةْ
وفي أُرْجوحَتَيها النومُ يحْظى
بأَنْسامٍ... وأحلامٍ حَميمَةْ
وهَذي أُمُّ وَضّاحٍ بلُطفٍ
تُمازِحُها، وتَحْنو... كالنّديمَةْ
تَرُدُّ تحيّةً تُلْقَى علَيها
بِقَطْفِ الوردِ ترشُقُهُ..ضَمِيمَةْ
وتنتظرُ الظهيرَةَ باشْتِياقٍ
لتَفرِشَ تحتها خبزَ الوليمَةْ
وجاراتٍ إذا يقعُدْنَ وقتاً
بِنَفْحَةِ أُنْسِها... تَحلو النّميمَةْ
فتِينَةُ أُمِّ وضّاحٍ تُراثٌ
و«بنْتُ جُبَيْلَ» بالماضي عليمَةْ...
■ ■ ■
وبعدَ سقوطِ ذاكَ البيتِ قَصْفَاً
مِنِ اسرائيلَ... بالحِمَمِ الرّجيمَةْ
تَهاوَتْ أُمُّ وضّاحٍ... ولكنْ
كأنّ اللهَ بَلَّغَها تَمِيمَةْ…
فَقامَ البيتُ يصدَحُ مِنْ جديدٍ
وتلكَ التّينَةُ احْتَفَلَتْ... بِدِيْمَةْ
ويوماً... أُمُّ وضّاحٍ أعَدَّتْ
لِتقلَعَها... فقلتُ: هُنا الجريمَةْ
فقالت: كنتُ أعشَقُها عروساً
ولستُ أُحبُّها... حَيْرَى... كَلِيمَةْ
فمَشْهدُها يُغيظُ… كأنّ فَوضى
تَدُبُّ بها... وتتركُها عَديمَةْ
وإنّ الحربَ نالَتْها بنِصْفٍ
فقلتُ: لنِصْفِها في الروحِ قيمَةْ
فأبْقَتْها كرَامةَ عينِ قلبي
كمَنْ يُبْقي الجَنينَ على المَشِيمَةْ
وها هيَ تِينةُ الإكرامِ ظَلّتْ
تواكِبُنا... بِخُضْرَتِها الوسيمَةْ
كَشَيْخٍ حَطّ في المئتينِ عُمراً
وكَبَّ وراءَهُ الذِّكَرَ الأليمَةْ…
ولكنْ أُمُّ وضّاحٍ أسَرَّتْ
لها مِنْ قلبِ عُزْلَتِها الحكيمَةْ
بِأنّ الموتَ آخِذُني قريباً
فلا تَخشَي غيابي يا يتيمَةْ...
وراحتْ أُمُّ وضّاحٍ …وخَلّتْ
أمام البيتِ ضِحْكَتَها الكريمَةْ
مضى دَهرٌ فَلَمْ نُهزَمْ... وصِدْقاً
عرَفنا يومَ رحلتِها الهزيمَةْ!