على الطريق الذي لطالما حلم الممثل والمسرحي حسام الصباح (1948 ــ 2021) بأن يُنشئ في حيّزه الجغرافي معهداً للتعليم المسرحي، وتحديداً في مسقط رأسه في النبطية (جنوب لبنان)، لاقاه قدره قبل عشرة أيام إثر حادث سيّر مروع على أوتوستراد «المصيلح». بعد مكوثه في العناية المشددة في مستشفى «الراعي» (صيدا) وعدم استجابته للعلاج، أغمض الصباح عينيه قبل أن يرى حلمه يتحقق.
ترك البصمة الأبرز على المسرح العاشورائي في مسقط رأسه النبطية

الخبر الذي أحدث أول من أمس، صدمةً كبيرةً لدى محبيه وزملائه، أخرج أيضاً وجهاً تمثيلياً ومسرحياً لم يُعِر أهمية للأضواء ولا لتراتبية الأدوار. أحالنا إلى شخصية فنية متفرّدة جايلت الكبار ومدت يد المساعدة إلى الجيل الجديد. حسام الصباح الذي انطفأ عن عمر 71 عاماً، كان قد تخرّج من «دار المعلمين» في النبطية، وبعدها دخل قسم الفلسفة في الجامعة، لكنه سرعان ما اتجه إلى «معهد الفنون الجميلة» لشدة شغفه بالفن، وتخرّج منه عام 1982.
[اشترك في قناة ‫«الأخبار» على يوتيوب]
هناك تتلمذ على يد المخرج الكبير يعقوب الشدراوي، وتعاون معه في أعمال عدة، أبرزها في مسرحية «جبران والقاعدة» (1983)، حيث لعب دور «خليل» الذي يكفر بالدير ويرحل عنه. كذلك تعاون الصباح الأكاديمي رهيف كرم، ليتجه بعدها إلى عالم الإخراج المسرحي، ويضع صوته على العديد من المسلسلات الكرتونية والمعرّبة. عُرف الصباح بنقده اللاذع لأساليب صناعة الأعمال الفنية في السنوات الأخيرة، وتخريبها للذائقة العامة، وتأثيرها المباشر في قيمة الفن والإنسان. في مقابل نقده لرداءة الأعمال الفنية التجارية، ثابر الممثل اللبناني على بناء خط فني ملتزم، وشارك في أعمال درامية ملتزمة الوطن وقضاياه والمقاومة ونضالاتها ورجالاتها. من بين هذه الأعمال فيلم «الانفجار» (إخراج رفيق حجار ـــ 1982)، و«ناجي العلي»، و«بيروت اللقاء» (إخراج برهان علوية)، ومسلسلات: «قيامة البنادق» (إخراج عمار رضوان - 2013)، و«عز الدين القسام» (إخراج حسن كاربخش-2017 )، و«جرح الزيتون» (إخراج محمد رضا آهنج)، و«زمن الأوغاد» (إخراج يوسف شرف الدين -2003). كما وقّع مخرجاً العديد من الأعمال المسرحية، منها «حكاية وطن»، و«طاحونة عمو شكري»، و«قجة عمو فهمان»، و«الدبّور»، و«زمن الطرشان» و«الأميرة والساحرة». لعلّ البصمة الأبرز لحسام الصباح، كانت في مدينته النبطية التي شهدت إشرافه على مسرحية واقعة عاشوراء، على مدى أكثر من ثلاثين عاماً. هكذا، سيفتقد جمهور وزملاء الصباح هذا العام حضوره في المسرح العاشورائي، الذي لطالما التصق بالممثل الراحل، وتماهى مع «واقعة الطف»، كجزء من ذاكرة جماعية أليمة، أبكته لمرات في الكواليس لدى مراجعة نصوصها. من جهتها، نعت «وزارة الثقافة» اللبنانية الراحل، ولفتت في بيان لها إلى أن «الساحة الفنية والثقافية تفقد موهبة مميزة وأداء تمثيلياً، أبدع من خلاله الراحل في تجسيد الشخصيات، وإيصالها إلى الجمهور بطريقة احترافية مشبعة بالثقافة الفنية».