انتهت الحرب. الحربُ التي صلّى ضحاياها ليشهدوا نهايتَها... انتهت.
صدقاتُ الغزاةِ الـمُحسِنين ذهبتْ إلى اللّصوصِ الـمُحسِنين.
معوناتُ شتاءِ المحرومين والجياعِ والمرضى والأراملِ والثكالى غيرِ المأسوفِ على أرحامِهنّ... صارت في بُطونِ القتلةِ وجُيوبِ الصيارفة.
حَفّارو القبورِ السماويّةِ، لِقاءَ أتعابهم في تعبيدِ الطرقاتِ الموصِلةِ إلى الربّ، صاروا أمراءَ أزمنتِهم.
الأيتامُ (أولئك الذين أبناءَ اللّـهِ يُدعَون) طُردوا مِن ملاجئهم وأوكارِ رحمتِهم وبؤسِهم.
البُكاةُ على مفقوديهم تَدَرَّبوا على النسيان في زواريبِ «الشحادةِ» وعلى أعتابِ المعابِد وأرصفةِ مواخيرِ الظلامِ الطَـلْق.
الدماءُ... الدماءُ البالية (تلكَ التي كانت تُصَـنَّفُ غاليةً، عزيزةً، وطاهرة) تَمَّ شَطفُها؛ والمقابرُ صارتْ أبهى وأشرَحَ وأعَـزّ.
جَلَـبَةُ مَكَناتِ «إعادةِ الإعمار» طغت على النحيب؛ وعواصفُ الرخاءِ الأسودِ أتت على كلّ شيء.
الحربُ أدّت ما عليها وانتهت. والسلامُ صارَ واقعاً وضرورة.
والبلاد، البلادُ التي عَـرَّتها الحربُ مِن أسمالِ ريشِها العتيق،
صارَ لها أجنحةٌ جديدةٌ وَحَلَّـقَتْ... حلَّقتْ عالياً وبعيداً.
والحياة، الحياةُ التي كانت بخير، ظلّتْ بخير.
: الحياةُ عنيدة.