قبل 19 عاماً، أفرج المخرج الفلسطيني محمد بكري (الصورة) عن وثائقي «جنين جنين» (2002 ــ 54 د) الذي تناول المجزرة المروعة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخيم «جنين» في الضفة الغربية. وثّق الفنان البالغ 67 عاماً هذه الجرائم، مستنداً إلى شهادات سكان المخيم الذين رووا ما عايشوه. يومها، منعت الرقابة الإسرائيلية الشريط لأنّها اعتبرت أنّ مضمونه «أحادي الجانب، ويتهم الإسرائيليين بارتكاب مجازر بحق الفلسطينيين»! غير أنّ بكري المصرّ على عرض فيلمه، تمكّن من تحقيق مراده وحصل على موافقة بعد عامين من تقديمه التماساً لدى «المحكمة العليا» الإسرائيلية. القصة لم تنته هنا، إذ رفع مقدّم احتياط في جيش الاحتلال، يُدعى نسيم مغناجي، في عام 2016 دعوى أمام المحكمة الإسرائيلية المركزيّة يطالب فيها بتعويضٍ مالي، متّهماً بكري بـ «تشويه سمعته» على إثر ورود صورته لثوانٍ معدودة في الشريط، قبل أن ينضم إلى الدعوى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت.وأمس الثلاثاء، قضت المحكمة بمنع عرض «جنين جنين» ومصادرة نسخه ومشاهده. وقضت المحكمة الإسرائيلية أيضاً بتغريم بكري 55 ألف دولار أميركي لمصلحة المدّعي، كما ألزمت بكري بتحمّل المصاريف القانونية المقدّرة بنحو 16 ألف دولار.
قرار لم يستغربه محمد بكري الذي أكد في تصريحات صحافية أنّه يرفض القرار ويفكّر في الاستئناف، مشدّداً على أنّه لم يكن يتوقّع قراراً أفضل، ولا سيّما في ظل الواقع السياسي الحالي في كيان الاحتلال وتفشّي التطرف اليميني. أما روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، فلم يستغربوا القرار أيضاً، خصوصاً أنّه صادر عن مجرمين يُتقنون القتل والتنكيل والبطش وكيّ الوعي وخنق الحريات.