أنا وشقيقي (شقيقي الذي أنتم أجمعين) مخلوقان متوازيان.وُلدنا متوازيَين. نخوضُ الحياةَ متوازيين. نَحلمُ، ونسعى، ونُخفِقُ، ونَقَعُ، ونرجو، ونطلبُ النجاةَ... متوازيين.
أحياناً (أحياناً كثيراً) فيما نحنُ نمشي، قاصِدَينِ أو هاربَين، تضيقُ المسافةُ بيننا بحيثُ يصيرُ هيّناً أنْ تلمسَ أصابعُ أحدِنا أصابعَ الآخر (كما في أصابعِ «ميكل انجلو» وإصبعِ ربِّه)؛ وأحياناً ( أحياناً أكثر) بما يكفي لأنْ يَستَلَّ الشقيقُ خنجرَهُ ويَغرسَهُ فيما هو يَـبتسم، وفي أقلَّ مِن إغماضةِ العين، في خاصرةِ شقيقِهِ الذي يـبتسم.
غداً (غداً الآنَ، غداً أمسِ وفي كلِّ أمس، غداً وفي جميعِ غد..) سنقعُ معاً في حفرةِ موتِنا، موتِنا الذي صنعناهُ معاً إذْ كنا متوازيين... صنعناهُ ونحنُ نَحلمُ النجاةَ ونبتسم.
سيقعُ واحدُنا فوقَ الآخر..
واحدُنا (كثيرُنا) فوقَ واحدِنا (كثيرِنا) الآخر.
سنقعُ (هكذا...) مُتَقاطعَين، مُتَشابكَين ومُتَعانِقَين،
كدودةِ ربيعٍ عاشقة
مُشتبكةٍ في أحضانِ دودةِ ربيعٍ أُخرى.
..
سامِحوه!
فَـلَعلَّ «إقليدس» العظيم، وهو مِنْ أبناءِ «ما بعدَ اختراعِ الموت»،
لم يَفطنْ إلى هذه الـمُسَـلَّمةِ الهيِّـنة:
في الموتِ، تَتقاطعُ الخطوطُ المتوازية.
الموتُ يُبغِضُ الذهبَ، والهندسةَ، والمستَقيماتِ، والحصونَ، والأدمغةَ, وَ وحتى الأصابع.. الأصابعَ التي لا تعرفُ، حتى وهي ترتعشُ وتُـحَــيِّي، كيفَ تكسرُ التَوازي، وتُرجِعُ الإنسانَ ــ هفوةَ الخليقةِ الإنسان ــ إلى أصلِهِ الناصِعِ الـحَنون: «الدُّودةْ...».
5/8/2018