في 30 آذار (مارس) عام 1936، تأسّست «إذاعة هنا القدس» التي تعتبر ثاني إذاعة عربية بعد «هنا القاهرة». قبل حلول الذكرى الثالثة والثمانين لولادة هذه المنصّة الفلسطينية العريقة، خطرت للفنانة الفلسطينية سلوى جرادات فكرة إقامة عرض غنائي ــــ موسيقي مستوحى من تاريخ الراديو. هكذا، راحت الصبية المقيمة في بيروت منذ ثلاث سنوات (درست علوم الموسيقى في الجامعة الأنطونية، وتكمل دراساتها العليا في جامعة الروح القدس ــــ الكسليك) تجمع معلومات عن برامج الإذاعة، بما فيها الشق الفني. بعد تعاون مع مؤسسة «خزائن» و«نوى ــــ المؤسسة الفلسطينية للتنمية الثقافية» وغيرهما، تمكنت جرادات من الحصول على 39 وثيقة، عبارة عن أعداد من مجلات كانت تصدرها الإذاعة وتضم برامجها التي كانت تبثّ بالعربية والإنكليزية والعبرية. «اللافت أنّ هذه المؤسسة وُلدت على يد الانتداب الإنكليزي وأريد لها أن تكون وسيلة للتمهيد للاحتلال الإسرائيلي، غير أنّ الأشخاص الذين أداروها، وعلى رأسهم الشاعر الكبير إبراهيم طوقان، أحبطوا هذا المخطّط وأحالوها منصة للتواصل بين الثوّار الفلسطينيين والشعب»، تقول سلوى جرادات، في اتصال مع «الأخبار». وتوضح أنّ التسجيلات الغنائية والموسيقية التي «تمكّنّا من الحصول عليها عن طريق «مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية» قليلة، وعملنا على وضعها ضمن ريبيرتوار فني متكامل، قبل أن أطلب من «مترو المدينة» إنتاجه وأحصل على الموافقة».مساء اليوم وفي 30 نيسان (أبريل) الحالي، سيذهب جمهور هذا الفضاء البيروتي في رحلة إلى فلسطين ذلك الزمن من خلال أكثر من 15 أغنية ومقطوعة موسيقية منتقاة من أرشيف الإذاعة الذي يفتقر إلى التوثيق بسبب الظروف السياسية والأمنية. ستتولّى سلوى مهمّة الغناء، على أن ترافقها فرقة موسيقية مؤلّفة من: وسام دبّول (قانون)، فراس عنداري (عود)، خضر رجب (كمنجة)، راغد نفّاع (تشيللو) ولمى قاسم (إيقاع)، وسماح بو المنى (أكورديون).
في الحفلتين المرتقبتين موشّحات وأدوار وطقاطيق وقصائد وأغنيات دينية وتراثية ومونولوجات، بالإضافة إلى موسيقى آلية (سماعي ولونغا) لأسماء، من بينها: أسمهان (فرّق ما بينا ليه الزمان ــــ 1944)، وأم كلثوم (على بلد المحبوب ــــ 1935)، وليلى مراد ومحمد عبد الوهاب (يا دي النعيم ــــ 1938). قائمة الفنانين الفلسطينيين الذين وقع الاختيار على أعمالهم تشمل: ثريا قدورة، ماري عكاوي، يحيى السعودي، روحي الخمّاش ومحمد غازي.
في هذا السياق، تلفت جرادات إلى مواضيع المونولوجات التي عُثر عليها، إذ كانت تركّز في ذلك الوقت على «أمور متعلّقة بالمرأة والحرية ونظرة كلّ من الجنسين إلى بعضهما البعض». وتضيف: «اخترنا مونولوجاً مصرياً لسيدة حسن وأحمد الشريف، وآخر لبناني للور دكاش وإيليا بيضا، علماً بأنّ العمل الثاني كُشف الستار عنه أوّلاً في أروقة «هنا القدس»...».
صحيح أنّ من المؤكد أنّ «هنا القدس» سيقدّم مرّتين الشهر الحالي، إلا أنّ استمراره ليس مستبعداً، ولا سيّما إذا كان الإقبال كثيفاً.

* «هنا القدس»: اليوم والثلاثاء 30 نيسان ــــ الساعة التاسعة والنصف مساءً ــــ «مترو المدينة» (الحمرا ــــ بيروت). للاستعلام: 01/753021