على الرغم من أنّ المقاطعة الأكاديمية للكيان الصهيوني هي من أكثر أشكال المقاطعة المثيرة للجدل، فقد ازداد في الآونة الأخيرة حجمُ هذه المقاطعة في العالم، على مستوى الجامعيين والجامعات، من أجل حثّ هذا الكيان على التزام القانون الدوليّ، وخصوصاً لجهة انسحابه من الأراضي العربيّة المحتلّة عام 1967 ووقفِ جرائمه المستمرّة في حقّ الشعب الفلسطينيّ.يُجادل معارضو المقاطعة الأكاديميّة بأنّ العلم منفصلٌ عن السياسة، وبأنّه ــ بحكم طبيعته «الموضوعيّة» وفائدته على سائر البشر ــ يتجاوز الحواجزَ أيّاً كانت طبيعتها، ويبني جسوراً بين الشعوب. لكنّ نظرةً متبصّرةً إلى الكيان الإسرائيلي كافية لفضح تورّط الجامعات ومراكز الأبحاث الإسرائيليّة في دعم المؤسّسة العسكريّة والقضائيّة ومدّهما بكثيرٍ ممّا يلزمهما لإدامة احتلال الأراضي العربيّة ولتأبيد القهر ومكافأة القاتل.
بناءً على ما تقدّم، وتحت شعار بناء القدرات وتجسير الحواجز، أطلق الفلسطينيّ عمر حرب (من جامعة بنسلفانيا) والإسرائيليّة ليلاش شاينر (من جامعة گلاسگو) حلقة دراسيّة سنويّة بعنوانMiddle-east Biology of Parasitism (MeBoP)
وكانت شاينر قد التقت عمر حرب في مؤتمر علميّ، ما حثّهما على إنشاء MeBop. ويؤكّدان كلاهما أنّ في إمكان من يمتلكون اهتماماتٍ مشتركة أن يلتقوا ويصبحوا أصدقاء، بغضّ النّظر عن أيّ اعتبار آخر.
تُعقد حلقة MeBop الدراسيّة، منذ افتتاحها في أواخر تمّوز 2016، في جامعة بيرن في سويسرا، في الموعد نفسه تقريباً من كلّ سنة، وتستمرّ نحو أسبوعين (الموعد المقبل هو في الثاني والعشرين من شهر تمّوز). من شروط الانتساب أن يَحمل المرشّحُ جنسيّةَ أحد بلدان «الشرق الأوسط»، أو شمال أفريقيا، أو أفريقيا جنوب الصحراء، ومن بين هذه الدول الكيانُ الإسرائيليّ طبعاً. تجدر الإشارة إلى أنّ MeBoP ليست مؤتمراً علميّاً اعتياديّاً يشارك فيه باحثون وطلاّب من كافّة أنحاء العالم، بل حلقة دراسيّة وورشة عمل لمجموعة محدودة، يَعرف المنتسِبُ إليها مسبقاً أنّ لها هدفاً معلناً يصرِّح به الموقعُ الإلكترونيّ من خلال النقطة الثانية:
«توفيرُ بيئةٍ يُعطى فيها الباحثون الشباب، من مناطق نزاع سياسيّة، الفرصةَ كي يركّزوا على اهتماماتهم المهنيّة وأهدافهم المشتركة؛ والترويجُ للتشبيك؛ وبناءُ تعاوناتٍ مهنيّة عبر هذه المناطق».
يشارك سنويّاً في هذه الحلقة الدراسيّة أساتذة وطلّابٌ إسرائيليّون، وللأسف شارك فيها سعوديون ومصريون ولبنانيون. ففي عام 2016 شاركتْ د. ص، وهي أستاذة مساعدة في كليّة الصحّة العامّة في الجامعة اللبنانيّة. وفي عام 2017 شاركتْ ل. م، وهي طالبة دكتوراه في الجامعة الأميركيّة في بيروت، وقدّمتْ عرضاً (الاسم الخامس في Introductions) فيه خريطة لمنطقة الشرق الأوسط تسمّي جزءاً من الأراضي الفلسطينية باسم «إسرائيل»؛ كذلك قدّمتْ عرضًا آخر بمشاركة طالبة إسرائيليّة (المجموعة الثانية في Module 1). ويرد في لائحة الداعمين للمبادرة اسمُ هـ. ح، وهي أستاذة مساعدة في كليّة الطبّ في الجامعة الأميركيّة في بيروت (الاسم العشرون على اللائحة).
يهمّ حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان أن تؤكّد خطورةَ حلقات دراسيّة كهذه؛ حلقاتٍ لا يُنظر فيها إلى الإسرائيليّ بوصفه مواطناً في دولةٍ قامت على الاحتلال والقتل والتهجير، بل كزميل وصديق محتمل يتشاطر والمشاركين أسئلةَ البحث العلميّ وهواجسَه، ويتحدّث معهم لغة «العلم» وحسب. وتدعو الحملة إلى مقاطعة MeBoP وأخواتها التي تشكّل بيئةً «مثاليّةً» للتطبيع الأكاديميّ مع كيانٍ لا يوفّر جهداً في استغلال العلم والأكاديميا خدمةً لأهدافه الاستعماريّة.
وحرصاً من حملتنا على تعميم الفائدة من المعلومات التي وثّقتها عن ورشة عمل MeBoP، فإنّها ستقوم بالاتصال بالجامعات العاملة في لبنان، ولا سيّما تلك التي شاركتْ في الماضي في هذه الورشة ومثيلاتها، لما في ذلك من تحصين للطلّاب والأساتذة الجامعيين من الوقوع في فخّ التطبيع الأكاديميّ. كذلك ندعو الجميعَ إلى الامتناع عن المشاركة في هذه الورشة وفي شبيهاتها من الورشات التطبيعيّة.

* حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان 7 حزيران 2018