بعد سلسلة من التجارب التمثيلية المتفاوتة على الشاشتَيْن الكبيرة والصغيرة في مصر، اتجهت الأنظار نحو ما ستقدّمه هيفا وهبي في رمضان 2018، وخصوصاً بعد المشاكل التي واجهتها في المحروسة خلال العام الماضي. بعد مسلسلات «كلام على ورق» (2014 ــ إخراج محمد سامي)، و«مريم» (2015 ــ إخراج محمد سامي)، و«مولد وصاحبه غايب» (2015 ــ إخراج شيرين عادل)، «الحرباية» (2017 ــ إخراج مريم أحمدي)، ها هي النجمة اللبنانية تطلّ في «لعنة كارما» (تأليف عبير سليمان ــ سيناريو وحوار مصطفى زايد وحاسم حلمي ــ إخراج خيري بشارة) ــ بطولة: زكي فطين عبد الوهاب، شيرين، نورين كريم، عبير عيسى، وهاني قنديل...)، مجسّدة دور نصّابة محترفة تُدعى «كارما»، تقع في غرام أحد ضحاياها المدعو «عمر» الذي يؤدّيه الممثل والمذيع المصري ــ السويسري فارس رحومة، ما يودي بها خلف القضبان. سجّل هذا العمل عودة رحومة إلى التمثيل في مصر، بعدما ظهر في شخصية «يوسف» في فيلم «المصير» (1997) ليوسف شاهين، و«ليلة في القمر» (2008) لخيري بشارة. إلا أنّ الرجعة لا تبدو موفّقة، نظراً إلى الأداء الباهت الشبيه بأسلوب الهواة. قبل فترة وجيزة، نشرت هيفا على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي صورة كشفت من خلالها عن لوكها في «لعنة كارما». شعر أسود قصير وغرّة، ذكّرا الجمهور بأورسولا كوربيرو التي تؤدّي دور «طوكيو» في المسلسل الإسباني الشهير La Casa De Papel (بيت من ورق)، ودفعا كثيرين إلى القول إنّ مشروع وهبي مستوحى من العمل الذي تبثّه «نتفليكس» ويدور حول أكبر عملية سرقة تقوم بها عصابة مؤلفة من ثمانية أشخاص بارعين في مجالات مختلفة وخارجين عن القانون، ينتقيهم «البروفيسور» بعناية ويخضعهم لتدريبات مكثّفة بهدف اقتحام دار صكّ العملة الإسبانية وطباعة 2.4 مليار يورو. سيستغرق ذلك مبدئياً 11 يوماً، والتعامل مع 67 رهينة من جهة، ومسؤولين رفيعين في الشرطة من جهة أخرى.
لا تجوز المقارنة بين المسلسل وLa Casa De Papel

لا تجوز المقارنة بين المسلسلَيْن، إذ لا رابط أساسياً بين القصّتين، باستثناء بعض الخطوط التي استعان بها «لعنة كارما» من العمل الذي أنتجه ألكس بينا لمصلحة شبكة «أنتينا 3». ولعلّ أهمّها وقوع البطلة اللبنانية في غرام رجل الأعمال المصري ــ الألماني الذي تسرق منه مليوني دولار. في «بيت من ورق»، يقع العقل المدبّر في غرام المحقّقة «راكيل» التي تساعده في النهاية وتقرّر بعد مرور عام من انتهاء العملية الانضمام إليه في إحدى الجزر خارج البلاد، حيث يكملان حياتهما معاً إثر تركها وظيفتها الرسمية.
هيفا هنا ليست كما رأيناها من قبل (مسلسل «مريم» مثلاً). هي ليست مقنعة أبداً، ويبدو أداؤها مشتّتاً وبدائياً ويقترب من الافتعال، وخصوصاً عندما تتحدّث بلهجتها الأم: اللبنانية. وُظّفت الحصّة الأكبر من المشاهد لإبراز مفاتن صاحبة أغنية «توتة» وجمالها، في ظل بذخ واضح على الملابس والأكسسوارات. نحن أمام صبية يُفترض أنّها حادة الذكاء وشديدة الدهاء، تخطّط لعمليات النصب التي تنفّذها العصابة المصغّرة التي تتعاون معها. لكن يبدو أنّ في داخل هذه المرأة سرّاً كبيراً وحزناً عميقاً مرتبطاً بالماضي لم يتكشّف بعد.
قد يطول الحديث عن المشاكل التي تعتري المسلسل، أهمّها تلك المرتبطة بالنص والحبكة. تخيّم الإطالة الشديدة وبطء الأحداث على جزء لا بأس به من المشاهد، بالإضافة إلى ضعف واضح في تفاصيل وأحداث عمليات النصب، فضلاً عن الحوارات غير المفهومة (شخص يُشبَّه بالصقر الذي يمكن أن يثور فجأة لأي سبب ومن دون رحمة... ثم يقال عنه عصفور يرغب في الخروج من القفص، لكن إذا فعل «الله يعين اللي برّا»!؟).
لا يخفى على أحد أنّ «لعنة كارما» معدّ على عجالة، ما أثّر بوضوح على كلّ جوانبه، أبرزها أداء هيفا التي أفرجت في السابق عن قدرات تمثيلية لافتة منذ فيلمها الأوّل «دكّان شحاتة» (2009 ــ إخراج خالد يوسف)، اضافة الى العقبات الإنتاجية واعتذار مجموعة من الأسماء. هكذا، وبدلاً من التشويق والإثارة، تحوّل الأمر إلى حفلة ملل بلا رائحة ولا طعم ولا لون!

* «لعنة كارما»: 23:30 على «النهار»، و22:30 على «النهار دراما»، و1:00 على TeN، و20:00 على «صدى البلد»، و6:00 على «النيل دراما»، و00:00 على «القاهرة والناس».