«عندما تملك قصراً، يمكنك أن تتحدّث إليّ». جملة قالتها الفتاة الجميلة الثرية إلى زميلها الفقير موسى المعماري (1931) الذي صارحها بحبّه، غير مكترثٍ بالفوارق الطبقية والمادية بينهما. إلا أنّ ابنة العائلة المرموقة لم تدرك يومها أنّ كلماتها الجارحة ستغيّر حياة الصبي البسيط، وتدفعه إلى إنشاء أحد أبرز المعالم السياحية اللبنانية، قبل أن يغاردنا أوّل من أمس عن عمر ناهز 87 عاماً.
بعد الصدمة القاسية التي تلقاها، رسم موسى الذي تعود أصوله إلى «حارة السرايا» في محافظة حمص السورية خريطة قصره في إحدى حصص الرسم، قبل أن يقرّر ترك المدرسة والأهل والسير مشياً على الأقدام من طرطوس، حيث كان يقطن مع عائلته، إلى صيدا، في رحلة اختبر فيها أقسى أشكال الألم والفقر والجوع. وفي عاصمة الجنوب اللبناني، عمل موسى في ترميم قلعتها البحرية في عام 1945، ثم باشر في 1962 ببناء حلمه في دير القمر (منطقة الشوف ــ جبل لبنان)، حاملاً الحجارة على ظهره.

استمرّ العمل المضني على مدى أربع سنوات بمشاركة زوجته اللبنانية ماريا عيد، ليُصبح المشروع جاهزاً لاستقبال الناس رسمياً في عام 1967. أطلق عليه اسم «قصر موسى»، وتحوّل إلى مقصد رئيسي للبنانيين والسيّاح الذين ردّد على مسامعهم دائماً قصّته «التي تصلح لتكون فيلماً سينمائياً»، علماً بأنّه عاد والتقى حبّه الأوّل بعد ما يزيد على ستّة عقود.
نشر موسى المعماري كتابه «حلم حياتي» في 1986، ثم طبع منه أكثر من 150 ألف نسخة، وافتتح في 2012 متحفه الحربي والتراثي الذي صار يضم أكثر من 30 ألف قطعة، وكان قد دشّنه أوّلاً في 1997.

يحتفل بالصلاة لراحة نفسه غداً السبت في «كنيسة سيدة التلة» (دير القمر) عند الساعة الثالثة من بعد الظهر، ثم يوارى في ثرى مدافن العائلة في القرية. تُقبل التعازي أيّام السبت والأحد والاثنين في صالة الكنيسة نفسها، بين الساعة الحادية عشرة صباحاً والسادسة مساءً.