رابضة في ضمير الشعوب العربيّة تنظر بازدراء إلى قراصنة التاريخ، وتسخر من المشعوذ المجنون الذي جاء يشعل الحرائق. إنّها القدس، العاصمة الأبديّة، لا يكفي ليد آثمة أن تضع علم الاحتلال على أسوارها، كي تستسلم.
إنّها القدس، سايغون العرب، لا يكفي أن يبيعها الكاوبوي الأرعن لجحافل التتار كي تُمحى ذاكرتها، وتنتقل صكوكها الشرعيّة إلى القتلة. سيغسلها أهلها بالدم ألف مرّة، وتبقى لهم. لن تصدّق شهود الزور، المتباكين على مصيرها. إلى حكام الخيانة والهزائم الذين باعوها مقابل عروش من كرتون، تقول اليوم مع مظفّر النواب: «القدس عروس عروبتنا… أهلاً أهلاً أهلاً/ القدس عروس عروبتكم/ فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها/ ووقفتم تستمعون/ وراء الباب لصرخات بكارتها/ وسحبتم كل خناجركم/ وتنافختم شرفاً/ وصرختم فيها أن تسكت صوناً للعرض/ فما أشرفكم/ أولاد القحبة هل تسكت مغتصبة؟»