«يقول المسيح: اغفروا لمن أساء إليكم. كلام المسيح هذا يغفر لمصطفى سبيتي إساءته». كلام نشره أخيراً الشاعر اللبناني وديع سعادة، معلناً تضامنه مع الشاعر مصطفى سبيتي (الصورة)، وداعياً الى تقبّل اعتذاره. كلام لاقاه العديد من الناشطين والصحافيين على الشبكة العنكبوتية، متسلحين بكلام المسيح عن التسامح والمغفرة. أراد هؤلاء الوقوف بوجه موجة غاضبة، اتخذت من تدوينة سبيتي الأخيرة التي تتناول مريم العذراء، ذريعة للهجوم عليه، بشتى أنواع الشتائم، وخطاب الكراهية.
التدوينة حذفها الشاعر اللبناني فوراً عن صفحته الفايسبوكية، وقال إنّه كتبها في «لحظة سكر»، ومروره بظروف شخصية صعبة. وأرفقها، باعتذار علني الى كل أصدقائه، نافياً أن تكون نيته «التعرّض للمقدسات والسيدة العذراء»، مؤكداً أن كل «ما نشر لا يمت لتاريخنا الثقافي بصلة».
منذ الاثنين الماضي، وسبيتي موقوف في نظارة «قصر العدل» في النبطية، بتهمة «إثارة النعرات الطائفية»، و«الإساءة الى الشعائر الدينية»، وفق المادتين 317 و474 من قانون العقوبات. علماً أن لا تشريع واضحاً بخصوص قوانين مواقع التواصل الاجتماعي، وكيفية تقييم المحتوى. في هذا الوقت، قدم كل من المحاميين فراس كنج، ودارين القصيفي، إخباراً للنيابة العامة التمييزية ضد سبيتي. كذلك فعل مدير «المركز الكاثوليكي للإعلام» عبده أبو كسم، الذي سارع في الساعات الأولى للتوقيف الى شكر المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود، على «التحرّك السريع»، بحق سبيتي بسبب «إساءته لمقام أمّنا مريم العذراء»، معتبراً أنّ «هذه الإساءة تطال كل اللبنانيّين مسلمين ومسيحيّين». وطالب باتخاذ «الإجراءات القانونيّة بحقّه».
إخباران، سرّعا تحرك القضاء في النبطية، في انتظار يوم الثلاثاء المقبل، موعد الجلسة المقبلة لسبيتي، وإعطاء النيابة العامة رأيها في الملف، إما إخلاء السبيل أو إبقاؤه. ومن المرجح أن يخرج الشاعر اللبناني، بعد انتهاء هذه الجلسة. علماً أن التأخير الحاصل في خروجه، أن اليوم، عطلة رسمية، فتأجل البت الى الأسبوع القادم، وأيضاً، نظراً إلى وجود ضغط شعبي وافتراضي، أثّر بطبيعة الحال في إبقائه مسجوناً الى هذا الوقت.
ابنته الإعلامية والشاعرة لوركا سبيتي، أطلقت أخيراً صرخة على صفحتها الفايسيوكية، أخبرت به الرأي العام الافتراضي عن والدها، وتوجهت الى محبيه و«مبغضيه»، بسرد تاريخ مصطفى سبيتي، وإسهاماته الفكرية في مجال الأدب والشعر. في هذا البوست، انتقدت سبيتي من وصفتهم بـ «الحاقدين المغالين، الذين أوكلوا أنفسهم مدافعين عن الله وأنبيائه على الأرض»، معتبرة أن العبارة التي قالها والدها كتبت في لحظة «تفضح عن ضعفنا، خوفنا (..) لحظة إنسلاخ الغريزة عن العقل». تدوينة لاقت تفاعلاً عالياً على فايسبوك، أرادت صاحبتها ـــ كما تقول لـ «الأخبار» ـــ الاتكاء على نظرية «التراكم النوعي»، من خلال كبّ الأفكار على الساحة الافتراضية، علها تنجح في أن يلتقطها من يرفض سماع الآخر أو الاقتناع بالمسامحة. الإعلامية اللبنانية، التي استهجنت، تصرف الناس الغاضبين مع قضية والدها، عبر «المحاكمة» و«تعليق المشانق»، ركزت على رفض العائلة لما دوّنه والدها في لحظة تخلٍّ، معرّجة على قصة استغلال بعض المنصات لتواجد والدها، على منابر تخص «حزب الله» وشهدائه، قائلة إنّ أباها أكمل ما بدأه في ساحة الصراع العسكري مع العدو، وهو علناً ينتمي الى محور المقاومة، وينظم قصائد لشهدائها ولأمينها العام أيضاً، من دون أن يتوافق بالضرورة معها عقائدياً.