اِسمعوني جيّداً! اِسمعوني جميعاً! هذا القفصُ الذي أنا فيه
أَنشأتُهُ بنفسي، وعلى قياسِ كوابيسِ نفسي.
اِسمعوني جيّداً إذاً!
هذا القفصُ دولتي، وكنيستي، ومحرابُ هذياناتي، ومأوايَ...،
وغداً سيَكونُ قبري.

على سقفِهِ (على سقفِ هذا القفصِ الحرام) رفعتُ عَـلَمي.
ولأجلِ سلامتِهِ ودَوامِ مجدِهِ... أَلَّفتُ مَلاحِمي ومَزاميري.
وعلى بابِهِ (بابهِ الذي ليسَ باباً)
تقفُ فرقةُ مَراسِمي، مُتَـأَهِّبةً على الدوام، بكامِلِ أبواقِها وطبولِها،
لتعزفَ إلى الأبد (إلى ما يُستطاعُ مِنَ الأبد)
مدائحي، وزَفَراتِ يأسي، وغصّاتِ نشيديَ الوطنيّْ.
انتبِهوا إذاً أيّها العابرون، انتبِهوا!
انتبِهوا أيها المتَـطَـفّلون انتبهوا!
انتبِهوا أيها الحاسدون، الطامعونَ، ذوو القلوبِ الداكنةِ والأَعينِ الضيِّقةْ!
انتبِهوا... وانتبِهوا!
هذا القفصُ (هذا القفصُ الحرامُ) كعبتي، وعَريني، وكاتدرائيّةُ جنوني وأحلامي.
مِنَ الآنَ فصاعداً
مِنَ الآن وحتّى تَحين ساعتي أو ساعةُ زوالِ العرش،
مَن يقتربْ منهُ (مَن يقتربْ خطوةً إضافيّةً واحدةْ)
سأُطلقُ على قلبهِ النارَ دونما تَـردُّد...
ثمّ، كأيِّ سفّاحٍ عظيم،
أُغمضُ عينيَّ على سعادتي، وأَتَـنَـفّسُ ملءَ رئتَيَّ وملءَ قلبي...
وأقولُ لنفسي: «أحسنتْ!».
مَن... يقتربْ... خطوةً... واحدةْ....
عُلِم؟...
أرجو أنْ... «عُلِمْ!».
16/10/2016