أوّل من أمس، نفضت حلقة «كلام الناس» على lbci، آخر بقايا الغبار عن المخرج زياد دويري. البرنامج الذي انضم صاحبه مارسيل غانم ــــــ منذ بدء قضية المخرج اللبناني ومصادرة جوازيّ سفره ــــــ الى محور الدفاع عنه بشراسة، استكمل هذا السياق في الحلقة المذكورة، بإضافة بند جديد يسهم في تضليل الرأي العام، ويحجب الأنظار عن فعلة صاحب «ويست بيروت»، بدخوله الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخرقه القانون اللبناني. هذه المرة، اختار غانم، أن يخرج ببروباغندا جديدة، مستوحاة مما كتبه عقل العويط في «النهار» عن «التهديد»، و«اللغة الفشحاء»، و«القتل»، لتصوير دويري بأنه يتعرض للتهديد و«الذبح»، كما أردف الإعلامي اللبناني. عبر استهلالية تشحذ الاستعطاف، توجه مارسيل الى ضيفه الذي أتى «حاملاً الإهانة من البندقية الى بيروت»، وأفرد له مساحة معتبرة من الحوار والتمجيد بفيلمه الجديد الذي يتناول قضايا «التسامح»، و«المصالحة»، مروراً بمجموعة تقارير عرّفت عن سيرته، وفيلمه «قضية رقم 23»، وتظهير دعم وزارة الثقافة له، والنقاد الذين اختار منهم كوليت نوفل للحديث عن «النقلة النوعية» التي أرساها الفيلم الجديد «نحو العالمية»!

منذ أسبوع تقريباً، استنفر محور بأكمله جنّد نفسه للدفاع عن دويري، وتمييع قضيته بعناوين خادعة ورنّانة كرفض الوصاية، والحديث عن تعمّد التشويش على نجاح الفيلم، من mtv، الى «النهار»، التي استضافت في اليوم عينه المخرج اللبناني، و«رفضت لغة التخوين»، وسألت عن «التوقيت المريب لفتح الملفات» (الذهاب الى إسرائيل). محور أمعن طوال هذه الأيام، آخرها في «كلام الناس»، بتنظيف صورة دويري، وأسهم في ذلك الكلام الببغائي الذي ردده الأخير على هذه المنابر بأنه لم يطبّع مع العدو، ولو «شرب فنجان قهوة في تل أبيب»! فالأهم بالنسبة إليه هي مصداقية الفيلم. لذا اتجه الى الكيان الغاصب، وصوّر فيلمه الشهير «الصدمة»، واعتبر أن هذا الأمر «قرار فني» محض!
لا شك في أنّ الأدوات المستخدمة في هذه البروباغندا والاشتغال على التلاعب بوعي الجمهور، والتجاهل العمد لقضية بحجم التطبيع مع «إسرائيل»، نجحت في جعل المخرج اللبناني، ضحية «المكارثية»، وأمعنت طويلاً في الانبطاح نحو الغرب ومفردات «العالمية»، واعتبار أن رضى هؤلاء عن الفيلم هو المعيار الأنجع لتحديد نجاح العمل أو عدمه.
المساحة التي أفردها مارسيل غانم، لدويري، تساقطت مع الوقت، وما عدنا نعرف أيهما المحاور وأيهما الضيف. إذ ذاب النقاش الى حدّ خلع كل واحد منهما زيّه، فأضحى دويري يخاطب غانم بلغة «أنتم»، أي «المسيحيون»، والآخر ضمن بيئة «بيروت الغربية». هكذا، خرج الحوار عن مساره، ليضحي جلسة حميمية بين شخصين يتذكران مفردات التقسيم والحرب، والثقافة المختلفة. بين ضحكة من هنا، وتمجيد من هناك، انتفخ دويري المخرج العالمي، الذي ترحّم على بشير الجميل بعدما كان «يشمئز» في الحرب من أعلام «الكتائب» وغيرها. انتهى العرض، بشهادة مختومة من غطاس خوري، وكوليت نوفل، وممثلين/ات من فيلمه الجديد، ومن مارسيل غانم. بات زياد دويري مخرجاً رافعاً لاسم لبنان عالياً في العالم، ومغفورة ذنوبه. غيّب البخور الخارج من الشاشات المشهدية الحقيقية، على أمل انقشاع الرؤية في القريب العاجل.

■ لمشاهدة الفيديو انقر هنا