أَتُراني أَصَمَّ وأعمى؟منذ سنينٍ وسنين، وأنا جالسٌ هنا... لِصقَ هذا الجدار.
سنين في القيظِ، وسنين تحت الأمطار، وسنين تحت الخوفِ وتحتَ مرارةِ العنادِ وفظاعةِ الأمل.
هم (هم الذين يُحبّونني ويُشفِقون علَيّ)
قالوا لي إنّ اللّهَ، على نحوِ ما يَفعلُ بابواتُ روما الصالحون،
سيَظهرُ مِن تلك الشرفة... الشرفةِ التي في داخِلِ الجدار.

هم قالوا؛ وأنا صَدَّقتُ.
صدَّقتُ، وجئتُ، وانتظرتُ...؛ ولا أزالُ أنتظِر.
لا سمعتُ صوتاً، ولا أبصرتُ وجهاً يُطِلُّ مِن شُرفةْ.
والعابرون (العابرونَ الذين سبقَ أنْ أَمَّلُوني وجعلوني أنتظِر)
يَسخَرونَ مِن بلاهتي ويَتَهامسون:
«المسكين، أعمى القلب، لا يزالُ ينتظر».
يوماً بعدَ يوم, وسنةً بعدَ سنة، ودهراً بعدَ دهر،
صاروا يَكْتَفون بالنظرِ إليَّ, ويُسَمُّونني:
«شحّاذَ اللّه الذي يَنتظِر».
... ولا أزالُ أنتظر.
حسناً!
لَعلّي، أنا الأَصَمَّ الأعمى, لم أَنتَبِه إلى حضورهِ فلم أرَهُ ولم أَسمعهُ.
لكنْ ...
أيكونُ هو أيضاً (هو الذي يَسمعُ نأماتِ القلوبِ, ويُبصِرُ أحلامَ الموتى)
أيكونُ هو الآخرُ مثلي: لا يرى ولا يَسمع؟...
الخبثاءُ يقولون:
لعلّهُ هو الآخر، وقد أَوشكَ أنْ يُدرِكَهُ اليأس،
يَنتظرُ أنْ يُطِلَّ أحدٌ ما مِنَ الشرفةْ...
الشرفةِ التي في الجانبِ الآخَرِ مِن السماوات!
28/11/2016