تقدّم المحامي محمد زياد جعفيل أخيراً بإخبار أمام النيابة العامة التمييزية بحق قناة «الجديد» ومديرها العام تحسين الخياط وكل من برنامج «للنشر» ومقدمته ريما كركي والمصرية أماني مصطفى وكل من يظهره التحقيق فاعلاً أو متدخلاً أو محرضاً في مسألة «الإساءة» إلى رسول الإسلام محمد.
هذه إحدى نتائج الضجة التي أثيرت بعد عرض أحدث حلقات «للنشر» الاثنين الماضي (21:30). في إحدى الفقرات، سلّط البرنامج الضوء على قناة «الحياة» المسيحية التي تزعم أنّها تهدف إلى «تنوير المسلمين تجاه الديانة المسيحية». كذلك، إنّ العاملين فيها هم مجموعة «عابرين» (مسلمون اعتنقوا المسيحية) يعملون على «كشف كذب الإسلام». لكن أسلوب «التبشير» الذي تعتمده هذه المحطة يرتكز حصراً على الإهانات والتحريض، بعيداً عن المحاججة العلمية والمنهجية. أكثر الوجوه نفوراً عبر «الحياة» هو أماني مصطفى، مقدّمة برنامج «المرأة المسلمة»، التي قرّر برنامج «للنشر» استضافتها عبر برنامج «سكايب»، بينما جلس في الاستوديو للتصدي لادعاءاتها الأب هاني طوق والشيخ صهيب حبلي. ولمن لم تسبق له مشاهدة «الحياة» أو متابعة حلقة «للنشر»، فإنّ أرشيف أماني مصطفى التلفزيوني يضجّ بالتحريض والتجريح، من دون الاستناد إلى أدلة موثوقة، بل إلى آيات وأحاديث من الواضح أنّها مجتزأة، لتخرج بعدها باستنتاجات سطحية، على شاكلة أنّ «محمد باع نفسه للشيطان، ومغتصب ويركّز فقط على المتعة واللذة الجنسية»، وأنّ «الإسلام كان بداية عهد إبليس»...
سبق هذا الإجراء القضائي، حملة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد «الجديد» على خلفية فتح منبرها لشخص مثل مصطفى والسماح لها بالتهجّم على الإسلام وتعاليمه ونبيّه. فرصة لم تفوّتها قناة mtv التي تخوض حرباً «ضروساً» مع «الجديد»، بلغت ــ بهمّة الطرفين ــ أعلى درجات السماجة والإسفاف.
هكذا، في نشرة أخبارها المسائية أوّل من أمس، استندت قناة المرّ إلى حلقة «للنشر» الأخيرة للهجوم على المحطة واتهامها بإهانة النبي محمد. وما كان من القناة التي تعرّضت للهجوم إلا أن هبّت للدفاع عن نفسها في نشرة أخبار الحادية عشرة والنصف مساءً عبر نص مليء بالتهديد والوعيد قرأته كريستين حبيب بلهجة تحدٍّ، قبل عرض تقرير يصبّ في الخانة نفسها ويضم مقتطفات من الحلقة موضع الجدال.
بالعودة إلى مضمون الفقرة التي أثارت حفيظة كثيرين، نحن أمام تساؤلات مهنية تطرح نفسها مجدداً. هل كان يجب تجاهل هذه المحطة وأماني مصطفى؟ وهل يُعَدّ استقبالها والحديث عمّا يجري ترويجاً؟
الواضح أنّ ريما كركي حاولت بقدر الإمكان (وبتهذيب) مواجهة ضيفتها، مفسحة المجال أمام الضيفين الآخرين للحديث والرد كلّ من وجهة نظره وبناءً على عقيدته الدينية. وبرز حرص من الإعلامية اللبنانية ورجلي الدين على تحجيم مزاعم «المبشّرة» وعلى نبذ خطاب الكراهية، والتشديد على أنّ إثبات فكرة معيّنة لا يكون من خلال الهجوم على الآخرين والتحريض عليهم.
سواء أنجحت كركي في مهمّتها على أكمل وجه أم لم تفعل، الأكيد أنّ من حق الصحافي محاورة من يشاء، محرّضاً كان أو مجرماً أو خارجاً عن القانون. فبغض النظر عن الأشخاص، تبقى العبرة في الأداء الإعلامي وطريقة إدارة الحديث.