«أنت غير قادر على الكتابة عن حزب ديني متخلّف». بهذه الكلمات تحدّث ناصر القصبي (الصورة) عن حزب الله في الحلقة الثالثة من الموسم الثالث من المسلسل الساخر «سيلفي» (شبكة mbc السعودية) بعنوان «زواج ليبرالي».
قد يبدو الكلام معتاداً من الإعلام السعودي، لكن الكوميديان السعودي الذي اكتسب شعبية عربية واسعة من خلال مشاركته في برنامج «للعرب مواهب» كان متوقعاً منه أكثر من ذلك. القصبي سبق له أن تناول أموراً «شائكة» كالشيخ الذي يريد أن يصبح مغنياً، أو حين تطرّق إلى داعش في الحلقة الثانية من الموسم الأوّل وأسماها «بيضة الشيطان» (2015)، وقيل يومها إنّ التنظيم الإرهابي هدّده بالقتل من بعدها.
هذه المرّة، تناول موضوعاً شائكاً على عادته: إنّها العلاقة بين الليبراليين العرب وانتماءاتهم الأصيلة. تدور القصة حول صحافيَيْن صديقَيْن (ناصر القصبي وإبراهيم الحساوي)، يدّعيان أنّهما ليبراليان مع التركيز على أنّهما «حرّان» فكرياً وسلوكياً. هذان الصديقان ينتميان إلى مذهبين مختلفين؛ فأحدهما شيعي والثاني سنّي. غير أنّ غالبية نقاشاتهما بعيدة كل البعد عن الدين ومتفرعاته.
لاحقاً، تتعقّد الأمور عندما يقرّر ولداهما الارتباط، خصوصاً مع رفض زوجة أحدهما في البداية تزويج ابنتها «السنية» من ابن صديقهما «الشيعي». يظهر ناصر القصبي «ليبراليته» عندما يتحدّث عن «ترك الفتاة لتختار حياتها كما تحب».
لاحقاً، يتدخّل شقيق ناصر ويشير إلى أنَّ صديقه «الشيعي» هو «متعصّب خبيء» وأنّه لا يكتب عن «حزب الله» مثلاً، وأن الجميع مخدوعون به. سرعان ما يتلقف بطل العمل القصة ويحاول الدفاع عن صديقه من خلال إصراره عليه لكتابة مقال ضد الحزب اللبناني.
يحتد النقاش، ثم ينجر «الشيعي» غير المؤيد لـ «حزب الله» إلى الموافقة على أنّه حزب «متخلّف وطائفي، وارتكب أعمالاً إرهابية»، لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أنّه «كليبرالي» عليه أن يشير إلى أنّه يريد من «حزب الله» أن يكون «حزباً سياسياً» لا غير.
في المحصلة، لا يكتب الصديق المقال، لأنه يرفض أن تكون «ليبراليته» عرضةً للنقاش، وأن يحاكمه الآخرون على شيعيته التي ليست «شيعية سياسية».
بطبيعة الأحوال، وعلى عادة البرنامج، فإنه يلجأ إلى نهاية ساخرة. يزوّج البطل ابنته من ابن أخيه الذي ادعى الليبرالية حتى يتمكن من إقناعه بتزويجه ابنته. يقول الزوج لزوجته إنّ عليها إغلاق حسابها على تطبيق «سناب تشات»، فتسأله عن «الليبرالية» التي يدعيها، فيشير إلى أنّ لا «ليبرالية» في بلادهم. فوالدَاها اللذان يقولان إنّهما «ليبراليان حقيقيان» خانا الفكرة في لحظةٍ واحدة حين دخل الموضوع المذهبي بينهما.
النقاش الذي طرحه المسلسل قد يبدو «مسلياً»، خصوصاً لناحية انتقاد الليبراليين في العالم العربي، غير القادرين على أخذ موقف من شيءٍ ما، كما أن أفكارهم غير واضحة ولا مفهومة، سواء بالنسبة لهم أو بالنسبة لغيرهم. من ناحيةٍ أخرى، نجد أنّ المشكلة الطائفية باتت جزءاً من المجتمع السعودي لا يمكن التغاضي عنها. يكفي النقاش الذي يدور بين العم وابنه حول أن شقيقه يريد تزويج ابنته من شيعية، ليرد ابنه بـ «أوه»، في دلالة كبيرة على المفاجأة والاستنكار في الآن عينه.
النقاش الذي طرحته الحلقة على مواقع التواصل الاجتماعي كان كبيراً للغاية، فضلاً عن الكثير من التساؤلات حول ماهية الرسالة التي يريد القصبي إيصالها. هل يريد «تجريم» حزب الله؟ أم أنه يريد تصويره من منظار المجتمع السعودي؟ أم أن ما حصل هو مجرّد تعرية لليبراليين العرب؟
يذكر أنّ انطلاقة المسلسل كانت في عام 2015، من إخراج أوس الشرقي، وتأليف خلف الحربي وناصر الروكان، وبطولة ناصر القصبي ومجموعة من الممثلين الخليجيين والسعوديين.

*«سيلفي»: يومياً ــ الساعة السادسة والنصف مساءً بتوقيت بيروت على mbc