شكل عام 1981، تاريخ زيارة الشاعر والمناضل المصري زين العابدين فؤاد (1942)، إلى الجنوب اللبناني، محطةً مؤثرة جداً، خاصة لدى زيارته «قلعة شقيف» قبل الاجتياح الإسرائيلي. بعد عام بالتحديد، قرّر «شاعر الفلاحين» البقاء في بيروت، رافضاً مغادرتها رغم بدء العدوان الصهيوني عليها، وتحديداً على «المدينة الرياضية».
قال وقتها: «مجنون مين اللي يلاقي حرب ويسيبها ويهرب». هكذا، نزل إلى الميدان ورافق المقاتلين في أزقة بيروت، وبدأ بتأليف القصائد للمقاومة، تزامناً مع نشره بعضها في صحف «السفير»، و«الحياة» و«النداء». اليوم وبعد عامين على آخر زيارة له إلى الجنوب اللبناني، عاد الشاعر المصري إلى تلك البقعة التي يعتبرها الأرض المقاومة، والأقرب إلى فلسطين، لتتزامن زيارته مع ذكرى «النكبة». وأول من أمس، توجه مع وفد فلسطيني إلى بلدة مارون الراس، وتحديداً حديقة «إيران»، التي تشرف على المستوطنات الصهيونية.

كما مروا على الناقورة أبعد نقطة حدودية لبنانية، وأقرب نقطة جغرافية ملاصقة لفلسطين.
عن هذه الزيارة إلى الشريط الحدودي، بدا فؤاد متأثراً ــ كما أسرّ لنا ــ لدى مشاهدته المستوطنات الصهيونية التي تقع فقط «على مرمى حجر من الحدود اللبنانية»، ومدى تفاعله مع مشاهدة «تلك الأرض المسروقة» أمامه.
شاعر العامية الذي واكب «ثورة 25 يناير»، ونظّم القصائد للحديث عن أبرز مفاصل هذه الثورة، بدأت موهبته منذ الستينيات، وتعرّض للاعتقال بسبب قصائده، وانحاز دوماً للمقاومة وفلسطين. هذه الأخيرة يدخل أسراها في السجون الصهيونية اليوم الـ29 من «إضراب الحرية والكرامة». ولهذه الغاية، أضاء زين العابدين فؤاد الشموع أول من أمس، مع مئة شاب/ة في بلدة الدوير الجنوبية (الصورة)، تضامناً مع الأسرى. كما رسموا كلمة فلسطين بهذه الشموع. وقد علّق فؤاد لـ «الأخبار»: «أضأت شمعتين للأسرى الفلسطينيين في السجون. واحدة نيابة عن كل الأصحاب الي ما قدروش ييجوا معانا، والتانية مني». واعتبر أن هذه الوقفة تأتي رداً على «التعتيم الإعلامي الذي يُفرض على قضية الأسرى الفلسطينيين الأبطال». هذا التعتيم الذي ليس بجديد على الإعلام العربي، الذي غيّب القضية الأساس، فلسطين، فكيف لا يغفل قضية الأسرى على حدّ تعبير فؤاد؟ وأضاف: «الوطن كله أسير. شعب مشرّد، وأرض محتلة، ولاجئون لا يتمتعون بحق العودة». ووصف إضراب الأسرى بأنّه يمثّل كل فلسطين. وعن ذكرى النكبة التي أضحت تاريخاً سنوياً للتذكر فقط، يلفت إلى أن «كل يوم يمرّ ولا نسير فيه الى فلسطين، يعتبر نكبة». ومع تحفّظه على مصطلح «نكبة»، يؤكد أن هذه المناسبة ليست للاستذكار فقط، قائلاً: «أنا كمصري قضية فلسطين بالنسبة إليّ قضية أمن قومي مصري، والأمر كذلك ينطبق على اللبناني».
الرحلة من القاهرة إلى بيروت فالجنوب اعتبرها عمّ زين «رحلة إلى أرض تقاوم». وقد نشر على صفحته الفايسبوكية مجموعة صور من طبيعة وبيوت قرى الجنوب اللبناني، وأقام كذلك أمسية شعرية في بلدة «كفر رمان» (قضاء النبطية)، بحضور عدد من فعاليات البلدة.