«أرِني دموعكَ, لأغفرَ لك!...».ما قالتهُ أمٌّ لقاتِلِ ولدِها

أَنصحُكِ، يا أُمَّهُ وأُمّي وأُمَّ الجميعِ، أَنصحُكْ:
لا تُؤَنِّبيهِ، ولا تُعاتِبيهِ!

ذاكَ الذي أَثْـكَلَكِ وعَدَّمَكِ ثمرةَ قلبِكِ ورَحِمِكِ...
لا تُعاتِبيهِ وتَنتَظِري نُزولَ دمعتِه!
لأنهُ، بالدموعِ التي تَستَمطِرينها مِن فولاذِ قلبِهِ وظلماتِ عينيه،
سيَتَطَـهَّرُ مِن ظَلامِ وحشِهِ، ويَستعيدُ براءةَ نُطفتِهِ الأولى.
أنا «يسوعُ» أَنصحُك:
أُقتُليهِ أوّلاً!
أَنْشِبي في قلبِهِ أظافِرَكِ، وأنيابَكِ، وكراهيتَكِ، وآلامَ رحمِكِ العاجزة عن النسيان!
أَنْشِبيها في أمعائهِ، وعقلِهِ، ودموعِ عينيه، وظلماتِ يَـقينِهِ وشجاعتِهِ ونَواميسِ حقِّهِ وحقيقته!
أَنشِبيها في جميعهِ جميعاً، و...اقتليه!
ثمّ، بعدَ ذلك كلِّهِ (وما أقلَّ كلَّه!)
وفيما أنتِ لا تَزالين تُواصلينَ نُواحَكِ على خَرائبِ بطنِكِ الـمُقفِرِ، المُفتَقِر، الثاكلِ، العَديمِ العديم...
بعدَ ذلكَ، يا أمّهُ وأمّي وأمَّ جميعِ الناس،
أُقتُليهِ أيضاً! واقتُليهِ أيضاً!
وأَمعِني في قتلِهِ وإماتَتِهِ أيضاً وأيضاً... واقتُليه!
ثمّ, فيما أنتِ لا تزالينَ تَقتُلينَهُ وتُواصِلينَ قتلَه،
قفي ساكتةً كما لو أنكِ لستِ أحداً ولا شيئاً
وتَنَفّسي ما استطعتِ تَنَفُّسَهُ من هواءِ السماواتِ وظلمةِ أنوارِ الأرض...
ساكتةً كصنمٍ يُلتَـمَسُ منهُ الغفران؛
وتَفَـرَّجي (كمنْ يَصعبُ عليهِ أنْ يَمنحَ الغفران)
على دموعِ قاتِلٍ.. يَتَـوَسّل.
ثمّ : لكِ الأمر!...
أنا «يسوع» أقولُ لكِ ذلك.
أنا لستُ إلاّ «هو».
وأَمّا أنتِ...؛ فأنتِ: «الأُمّ»
وإليكِ «أنتِ» (أنتِ: قلباً، وبطناً، ودموعاً، وهلعاً، وخذلاناً، وخَواءَ رَحِمْ...)
إليكِ «أنتِ» يعودُ الأمر...
إليكِ وحدَكِ تعودُ الأمورُ كلُّها.

* منقول، بغير تَصَرُّف، عن: إنجيل «يسوع الثاني»/ الإصحاح الأخير.
7/12/2016