السعي السعودي المستمر لتطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي لم يعد يجري خلف الكواليس أو عبر قنوات سرية أو بواسطة الاعتماد على تظهير إسرائيل للعلاقة بين الجانبين. الزيارات والمصافحات يتم الترويج لها في وسائل الإعلام المحلية والعالمية، من باب وحدة الأهداف والشراكة في المصالح والمصير بين الرياض وتل أبيب، ضد عدوّهما المشترك «إيران».
في تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، دعا رئيس اللوبي السعودي في الولايات المتحدة «سابراك»، سلمان الأنصاري، إلى تشكيل تحالف متكامل بين السعودية وكيان العدو. في مقال نشرته صحيفة «ذا هيل» الأميركية، نقل الأنصاري استعداد ولي ولي العهد محمد بن سلمان لإقامة علاقات أمنية واقتصادية مع إسرائيل من خلال مشروع «رؤية 2030»، كون المملكة «مفتاح التحالف مع الأنظمة العربية». جاءت دعوة الأنصاري بعد شهرين من زيارة اللواء المتقاعد أنور عشقي إلى الأراضي المحتلة، وهو لا يخفي إعجابه الصريح برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى درجة تعلّم كلمات بالعبرية للحديث مع الصحافة الإسرائيلية عن حبه للسلام.
يجري حالياً في الأوساط السعودية تداول أنباء حول تفوّق عشقي على أستاذه تركي الفيصل في الهرولة نحو التطبيع، إذ أن كل ما يملكه مدير الاستخبارات السابق لا يتجاوز مجموعة من اللقاءات التي جمعته بمسؤولين إسرائيليين في السنوات الماضية، وصولاً إلى الكشف عن صورة جمعته بوزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني على هامش مؤتمر «دافوس» قبل أيام.
لا يمكن أن تنجح السعودية في تمرير تطبيعها العلني المستمر على مراحل، متجاهلة احتجاجات مواطنيها الرافضين للتطبيع وعملية السلام. فقد دعت غالبية المعترضين إلى استحضار خطاب المقاطعة الشعبي ضد خطاب السلطة وكتابها الترويجي لتقديم إسرائيل كدولة صديقة، وأن «ليس أمام الفلسطينيين إلا السلام». علماً بأنّ العبارة الأخيرة شكلت عنوان مقال للكاتب محمد آل الشيخ في صحيفة «الجزيرة» السعودية أمس الثلاثاء. في المقابل، خصص الخطاب الشعبي كامل طرحه لانتقاد جولات عشقي والفيصل، موجهاً تحية إلى انتفاضة السكاكين الفلسطينية.
قامت الحملة الشعبية بالدفع بخطاب رفض التطبيع إلى الواجهة، مع تكرار الدعوات الخليجية والسعودية الرسمية المطالبة بفتح صفحة جديدة مع دولة الاحتلال، عبر هاشتاغات #سعوديون_ضد_التطبيع و#تطبيع_الفيصل_لا_يمثلنا على تويتر، بالتعاون مع «حركة مقاطعة إسرائيل في الخليج» BDS Gulf التي دعت إلى تكثيف حملات المقاطعة وتوقيع عريضة رافضة للتطبيع بعد لقاء الفيصل ــ ليفني.
دعوات رفض دعاية التطبيع والترويج لها عبر شخصيات سعودية، استعادت المرسوم الملكي الذي وقعه الملك الراحل سعود بن عبدالعزيز عام 1962 والقاضي بمقاطعة دولة الاحتلال، وينص صراحة في مادته الأولى على أنّه «يحظر على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالوساطة اتفاقاً مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسياتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما قاموا وذلك متى كان محل الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل آخر أياً كانت طبيعته».
المدونة ريم سليمان، كتبت أنّ «هاشتاغ #سعوديون_ضد_التطبيع كان صوتاً مدوياً رافضاً للتطبيع، ومعبّراً عن الأصالة الإسلامية والعربية والإنسانية للشعب السعودي».
لا يتعلق الأمر بالنظام السعودي فقط، فما شهدته الأعوام القليلة الماضية من تطبيع من قبل أنظمة خليجية مع إسرائيل بات على «مدّ عينك والنظر»، سواءً في ملاعب الدوحة حيث رُفع علم دولة الاحتلال، مروراً برقصة حاخامات حركة «حباد» الدينية في شوارع المنامة، وصولاً إلى الطوابير الإسرائيلية التي لا تنقطع عن أبوظبي والكويت ومسقط.

https://twitter.com/saud_ed/status/762577522944974848