اللبناني الغارق في أزماته الاقتصادية والسياسية، وحتى الوطنية، برهن مراراً وتكراراً عن كيفية مواجهته لها. في غالب الأحيان، تكون هذه المواجهة أو المقاربة متسمة بالسطحية والاستغلال. في الآونة الأخيرة، برزت قضية أزمة مزارعي التفاح في التصدير. الأزمة التي دشّنها وزير الخارجية جبران باسيل بالقفز عنها وتعليقها على شماعة اللاجئين، سرعان ما تدحرجت كرتها لتتحول إلى منصة للاستعراض والتسطيح. أزمة تصريف التفاح التي تحتاج إلى خطة حكومية، رأيناها تدخل البازار الافتراضي. أضحت سلّة التفاح الأحمر أخيراً ركيزة أساسية في الصور الملتقطة من البيوت السياسية. هكذا، دشّن النائب سليمان فرنجية هذه الموضة بصورة لسلة التفاح تتوسّط صالون الاستقبال. بعده، رأينا الوزير السابق زياد بارود يلتقط صوراً مع سلة تفاح أيضاً. وأخيراً، رسا البازار الافتراضي على وجوه نسائية ألفتها الشاشة الصغيرة. هكذا، دارت المنافسة بين ديما صادق، ورابعة الزيات، وبولا يعقوبيان. سجّلت صادق فيديو قصيراً من غرفة ابنتها الصغرى المولودة حديثاً (6 أشهر)، وهي تقوم بإطعامها تفاحاً مهروساً، وإلى جانبها سلة تفاح ضخمة، لم نعرف سبب وجودها في غرفة الصغيرة (ربما لزوم ديكور التصوير). في هذا الشريط القصير، قبلت صادق تحدي الزيات، ودعت يعقوبيان إلى اتخاذ خطوة مماثلة عبر تحويل التفاح إلى ضيافة «أساسية» كي تكون «خطوة إيجابية لمزارعي التفاح».طبعاً، هذا الشريط والدخول أيضاً في خطوات استعراضية مماثلة، لن يصرّفا التفاح، بل قد يأخذان من «وهج» أزمته لو صحّ التعبير، بما أنّه يتصدّر واجهة الأخبار. هكذا، تحوّلت أزمة اقتصادية معيشية إلى مجرد لعبة في حلبة الاستعراض الافتراضي.
هذا الاستعراض وتسخيف القضايا الجادة والمهمة كانا حاضرين أيضاً في الساعات القليلة الماضية عبر استغلال تجاري دخلت في بازاره بعض الشركات، استغلت مناسبة تخصيص هذا الشهر لمكافحة سرطان الثدي، لتروّج لمنتجاتها بطريقة مبتذلة جداً. قدّم المعلنون سلعهم على شكل ثديي المرأة. هكذا، رأيناهما على شاكلة قدحين صغيرين لوضع الصلصات، أو لإظهار قطعتي بيتزا مصنوعتين من السجق، أو استخدام البصل وتقطيعه للدخول إلى ما تعانية المصابة بالسرطان.
وكما حصل في عيد الجيش في الأول من آب (أغسطس) الماضي، حين دخل المعلنون والشركات التجارية بطريقة رخيصة لاستغلال هذه المناسبة ترويجاً لمنتجاتهم، ونشرها عبر قنوات السوشال ميديا، حدث كذلك مع شهر الوقاية من سرطان الثدي عند النساء، لكن بطريقة مبتذلة في بعض الأحيان (إعلان ABC)، لتستغل حالة مرضية وإنسانية عالية، وتتحوّل إلى مجرد منصة للترويج التجاري.