ليس شكسبير ضيفاً عادياً يحلّ على بيروت. في الأساس، النقاش ما زال قائماً، بعد 400 عام: هل غاب شكسبير حقاً؟ كثيرون يجيبون: لا. ما زال الكاتب الكبير حاضراً، وميزة الكتّاب هي الحضور في غيابهم. اليوم، تؤدي ميراي معلوف بصحبة رفعت طربيه، أدواراً مشهدية من مسرح شكسبير في مناسبة 4 قرون على رحيله. المخرج المعروف جلال خوري (الصورة) الذي أنجز عمل «شكسبير إن حكى» الذي سيدور على 14 محطة في لبنان، يؤكد أنّ «وجود الممثلين الكبيرين، والقيمة الكبيرة للكاتب الإنكليزي نفسه، يجعلان من المسرح حدثاً بيروتياً محبباً، ويعيدان إلى المسرح بريقاً بدأ يخفت». في المبدأ، سيقرأ الممثلان الكبيران من أهم أعمال شكسبير. أعمال اختيرت على معايير شكسبيرية صرفة لا لبنانية ــ محلوية؛ أي ان أهميتها أو أسباب اختيارها تأتي في سياق قراءة أدبية صرف. البعد المحلي لهذه الاختيارات سيكون «في المقدمات التي دبجها مخرج العمل» وستأتي في سياق العرض وخلاله.وفقاً لخوري، فإن الشخصيات الشكسبيرية «الثقيلة» ستكون حاضرة من تسع مسرحيات: «هاملت»، «كما تشاء»، «المسرحيّة الاسكتلنديّة»، «ريتشارد الثالث»، «كوميديا الأخطاء»، «الملك لير»، «حلم ليلة صيف»، «العاصفة»، و«روميو وجولييت». العرض كما هو مقرر، يشمل قراءات من المسرح الكبير، لكن من المتوقع، أن يؤدي الممثلان أدواراً تتجاوز العرض، كما فعلا في مرات سابقة، إذ يؤديان عملاً مسرحياً كاملاً، في النصوص التي حفظاها تماماً، وقد يكتفيان بالقراءة في أحيانٍ أخرى. وهنا، لا بد من تسجيل ملاحظة أنه إلى جانب صعوبة تعريب شكسبير، وتحويل اللغة إلى «العامية» أحياناً، هناك أيضاً الصعوبة في الأداء. يعرف المخرج هذا جيداً، ولكنه يعرف أيضاً قيمة الممثلين اللذين اختارهما للعمل.
لا يريد المنظمون أن يكون العمل ربحياً، يريدونه مسرحاً خالصاً، ولذلك سيتركز الحضور على الدعوات. لا يضرّ هنا بعض الإصرار على المنظمين بأن يحدثوا تغييراً في برنامجهم، ويفسحوا المجال أمام فئات أوسع، للتعرف إلى شكسبير، وتالياً إلى الفنانين طربيه ومعلوف من مسافة قريبة إلى حافة المسرح. المسرح الذي نتحدث عنه هو مسرح حقيقي. وعندما نقول شكسبير، لا يمكن أن يكون المسرح مسرحاً أكثر من ذلك. صحيح أن الأدوار ستتنوع بين القراءة والأداء، لكن يجب التنويه إلى أن الاستعانة بأوراق الكاتب الكبير والقراءة منها على نحوٍ مباشر، ستكونان مقتطعتين من المشهد، لا من المسرح. اليوم، الجميع على موعد مع أداء مميز إحياءً لذكرى عملاق من عمالقة المسرح في التاريخ. يمكننا من حديث خوري المتحمس للتجربة، أن نتوقع عرضاً مشبعاً بالتفاصيل الدرامية اللائقة بصاحب الذكرى، وأداء حرفياً رفيعاً، تتفاوت انفعالات المؤدين فيه على ذات مستوى التفاعل العبقري الذي يحمله النص الشكسبيري. سيتسرب غضب هاملت إلى الحاضرين ورغبته في الإنتقام، وفي لحظة الفرح، قد يذهبون للتجوال في إفسوس، كما هي الحال في «كوميديا الأخطاء».

*«شكسبير إن حكى ــ قراءة بالعربية» لجلال خوري مع ميراي معلوف، ورفعت طربيه: 20:30 مساء اليوم ــ بازيليك سيدة الأيقونة العجائبية (الأشرفية ــ بيروت). للاستعلام: 03/103016