أحدثت أغنية «من دون سلاح» (كتابة موسى حافظ وغناء حافظ موسى) ضجةً كبيرة، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو في الواقع، فالأغنية الفضيحة أظهرت للمرة الأولى جانباً لا يرضى أغلب الناس في الشارع الفلسطيني مجرد الحديث عنه. بثّت قناة «فلسطين» التابعة للسلطة الفلسطينية قبل أيام أغنية «من دون سلاح» التي تخالف المعتاد في الوسط الفلسطيني.
تتحدّث الأغنية عن الزراعة وارتباط الإنسان بالأرض وفي هذا لا مشكلة، لكن المشكلة الهائلة التي تقدّمها الأغنية أنّها تلامس شيئاً أشبه بالمحظور/ الكفري في العقلية الفلسطينية الشعبية. تقول الأغنية «إزرع زيتون، إزرع ليمون، إزرع تفاح، نحنا ثورة سلمية، بسمونا إرهابية، مقاومتنا شرعية من دون سلاح». هذه اللغة في الخطاب التي لم تُسمع في السابق فنياً على قنوات الإعلام الفلسطينية، سواء الرسمية أو غير الرسمية على جميع مشاربها، بدت غريبةً للغاية. أن يخرج فنانٌ متحدثاً بهذه الوقاحة عن نزع السلاح واستبدال السلمية به أمرٌ يحدث للمرة الأولى، وقد يكون جس نبض كما يعتقد كثيرون.
قد يعتقد بعضهم أنّ «من دون سلاح» تعبّر عن مزاج عام لدى شريحة من الشعب الفلسطيني، وهي فكرة خاطئة، ذلك أنه بمجرّد النظر إلى التعليقات على صفحة الأغنية (على اليوتيوب أو من يشاركها على صفحته) نعرف ردّ الفعل الحقيقي عليها. تلاقي الأغنية شجباً شديداً على مواقع التواصل الاجتماعي. بسرعة كبيرة، انتشرت الشتائم التي تبدأ من أبو مازن ولا تنتهي أبداً بمنظمة التحرير. يعكس هذا الشجب أنّ فكرتي السلام ونزع السلاح ليستا أمراً مقبولاً داخل الشارع الفلسطيني من أيّ نوع. وحتى لو أنَّ السلطة الفلسطينية تقدّم نفسها كمشروع سلام مع العدو الصهيوني، إلا أن النفس الشعبي لا يزال متمسكاً بشرعية المقاومة، والعداء تجاه الصهاينة.
تقنياً، يبدو شاعر الأغنية موسى حافظ ومغنّيها حافظ موسى من طينة الفنانين الشعبيين للغاية في الوسط الفلسطيني. ويظهر أن الكليب أُنتج على عجلٍ من دون أيّ انتباه للتفاصيل أو للنوعية المقدّمة تقنياً. فلا مونتاج جيداً، ولا ديكورات، ولا أيّ نوع من أنواع التجميل التي يلجأ إليها فنانو هذه الأيام. بدا حافظ موسى كما لو أنه يغنّي في منزله مع ثيابٍ من تسعينيات القرن الماضي. كذلك إن طبيعة الكلمات معتادة ومكررةً (زيتون/ليمون، تفاح/سلاح، سلمية/إرهابية) كقوافٍ يمكن بسهولة التعامل معها على أساس أنّها جمعت من دون الحاجة إلى وجود شاعر كي يصوغها معاً. باختصار، يأتي العمل أقلّ حتى من إطار الهواة إذا كنا نتحدّث عن عمل يعرض على قناة فضائية من أيّ نوع. تجدر الإشارة إلى أنَّ عدداً كبيراً من الأعمال المشابهة تعرض على القناة ذاتها من النوع نفسه تقنياً وأدائياً، لكنها في المعتاد تكون أغنيات ذات توجّهات مقاومة، ولكن هذه هي المرة الأولى التي نصل فيها إلى أغنية تفضّل السلام على السلاح.