القاهرة | المحاكم الأخلاقية للنقابات الفنية. هكذا يمكن تلخيص نشاط النقابات الفنية في مصر بعدما تفرغت نقابتا الممثلين ثم الموسيقيين لمحاسبة الأعضاء أخلاقياً فيما الصناعة نفسها تعاني كوارث لا يتلفت إليها أحد. بالتأكيد كان يعلم أمير الغناء العربي هاني شاكر (الصورة) أنّ قرار مجلس نقابة الموسيقيين الأخير سيثير الجدل ويطلق غباراً كثيفاً يضر بصورته في الوسط الفني، حتى لو وجد الآف المؤيدين من الجمهور المحافظ في الشارع وعبر مواقع التواصل الإجتماعي. القرار نص على أنّ النقابة ستحيل للتحقيق أي مطربة ترتدي ملابس عارية في الحفلات والكليبات والبرامج، إضافة إلى الإنذار بشطبها إذا كانت بين الأعضاء وسحب التصريح بالغناء منها في حال افتقادها العضوية الرسمية في النقابة التي تولى هاني شاكر مسؤوليتها منذ أسابيع قليلة (الأخبار 29/7/2015). على الفور، انطلق الهجوم على شاكر ومجلس النقابة، وخصوصاً من قبل «جبهة الإبداع المصري» التي يتزعّمها المنتج محمد العدل.

رفض الأخير المحاكمات الأخلاقية للأعضاء، مؤكداً أنّ هناك لوائح تتعلق بمظهر الفنان، وأنّ الأمر لا يحتاج إلى قرار مبهم يفتح الجدل كلّما ظهرت فنانة بملابس مثيرة للانتباه. في المقابل، قال شاكر في تصريحات تلفزيونية مقتضبة أنّه أصدر القرار «إرضاءً لله ولضميري»، ولم يسعَ إلى أي «منظرة»، على حد قوله، بينما أطلق أحمد رمضان سكرتير النقابة تصريحات حادة، أكد فيها أنّ القرار كان «ضرورياً بعدما باتت أزياء الراقصات أكثر «حشمة»» من ملابس بعض المطربات».
وبرزت أيضاً العديد من التساؤلات خلال طوفان الجدل حول القرار، بينها حول هوية مَن سيُحدد مدى ملاءمة ملابس هذه المطربة أو تلك، وهل سيقصد موظفو النقابة الحفلات ويصبحون مثل موظفي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية، أم أنّ النقابة ستعتمد على صور الحفلات؟ وهناك أسئلة عن هوية مَن سيسلّم الصور إلى النقابة، وإذا ما سيكون الأمر مرتبطاً بآلية للمتابعة أم يحق لأي شخص تسليم الصور والمطالبة بوقف هذه الفنانة أو تلك؟
ولفت البعض إلى أنّه لو فرضنا أنّ هناك من يعتمدن على الملابس المثيرة للفت الانتباه، فمن فتح لهن الأبواب في المحروسة هم أنفسهم كبار أعضاء النقابة.
يشمل القرار الجديد أيضاً ملابس الفنانات في الكليبات والبرامج، وهو أمر خارج سلطة النقابة قانوناً، لأنّ الشاشات تخضع لرقابة إدارتها. فهل ظهور فنانة في برنامج بفستان مثير يعني أن توقفها النقابة؟
ورُسمت علامات استفهام أخرى حول مدى تصدّي النقابة للقرصنة التي تكاد تعصف بصناعة الموسيقي ككل، ودورها في تسهيل إقامة الحفلات والمهرجانات بشكل يعيد الحركة الفنية بقوة لمصر من دون التركيز على فساتين فنانات سرعان ما يسقط جمهورهن سريعاً. وأليس من الأجدى أن تدعم النقابة الأصوات الشابة الواعدة بدلاً من مطاردة فنانات الكليبات؟
يذكر أنّ الأمر نفسه ينطبق على نقيب الممثلين أشرف ذكي، الذي هاجم دراما رمضان في بيان صحافي غير مسبوق مطلع شهر رمضان الماضي، بينما دوره الأساسي هو الدفاع عن الأعضاء في وجه حملات التشدّد والتكفير، لكن يبدو أنّ جلوس هاني شاكر وأشرف ذكي على مقعد النقيب حجب عنهما رؤية الموقع الواجب أن يكونا فيه.