ألبير كامو: فرنسي في نيويورك

  • 0
  • ض
  • ض

في 28 آذار (مارس) 1946، كان مسرح «ماكميلن» في جامعة «كولومبيا» في نيويورك، يغصّ بحضور جاء ليستمع إلى «الكاتب الأكثر شجاعة في فرنسا اليوم» وفق ما كتب جاستن أو بريان في صحيفة «نيويورك هيرالد تريبيون» وقتها. الأنتروبولوجي الراحل كلود ليفي ستروس الذي كان مستشاراً ثقافياً في السفارة الفرنسية في الولايات المتحدة ومنظّم الحدث، توقّع وقتذاك حضوراً لا يتعدى الـ 600 شخص، لكن المفاجأة كانت كبيرة بحضور هذا العدد مضاعفاً. لقد أتوا للاستماع إلى ألبير كامو (1913 ــ 1960) في زيارته الأولى إلى الولايات المتحدة. كان الفيلسوف الوجودي محبوباً في أوساط اليسار الأميركي ومبدعيه ومناضليه كـ «حزب الفهود السود»، والمناضلة والناشطة أنجيلا ديفيس. وجاء بعضهم حاملاً أعداداً من صحيفة Combat التي خطّ عليها «الثائر» بعض أفكاره ومعاركه ومواقفه الفكرية والفلسفية والسياسية. بعد 70 عاماً على هذا اللقاء، توجّه التفاحة الكبيرة تحية إلى صاحب «الطاعون» الذي كان شاهداً وضميراً لعصره من خلال مهرجان «غريب في المدينة» الذي انطلق قبل أيام ليستمرّ حتى 19 نيسان (أبريل). المبادرة التي يقف وراءها «ألبير كامو استيت» والمؤرخ والمنسق ستيفن بيتروس، تتخللها محاضرات، وعروض سينمائية ومسرحية وأمسيات شعرية، وحفلات فنية تلقي الضوء على سيرة وأعمال صاحب «نوبل» الذي تنازعته مشاعر متناقضة إزاء نيويورك. بعد إقامته التي استمرت ثلاثة أشهر، كتب يومها: «أحببت نيويورك، ذلك الحبّ القوي الذي يتركك مليئاً بالشكوك والاشمئزاز»، مشيراً إلى انبهاره بأضواء المدينة والوفرة التي تسبح فيها، وضياعه بين «هذا الرفاه الفاحش، والذوق الرديء الطافح الذي لم تنج منه ربطات العنق، ومعاداة السامية وحبّ الحيوانات، والمترو الذي يذكّرك بسجن «سينغ سينغ»».

0 تعليق

التعليقات