حسين جلعاد

حتى وإن كانت شخصياته مجرد أطفال أو مراهقين يجربون العالم ويختبرون حواسّهم، أو طلاب جامعة في لحظة الوعي والرفض، تشعر وأنت تقرأ قصص حسين جلعاد في مجموعته القصصية «عيون الغرقى» (المؤسسة العربية للدراسات والنشر)، أن ثمّة خسارة ما، وأن هذه الحكايات ليست إلا جوقة من المراثي تترنّح في أرض صغيرة من التجارب والذكريات. يعود الشاعر الأردني بعشر قصص، مهدياً كتابه إلى مدينته إربد من دون أن يذكر اسمها، لكننا نعرف ذلك من الوقائع. يتنازع كلَّ شخصيات جلعاد عالمان: الطفولة والرشد، المراهقة والنضج، الفقر والثراء... بعد 15 عاماً من الغياب عن النشر، يأتي حسين جلعاد بقصصه العشر. إنها حكايات من الحنين وعنه، كل شخصياتها في مكان يبدو الآن سحيقاً من الماضي، وتنظر إلينا بعيون غرقى.

ديمة عبدالله


تروي الكاتبة اللبنانية الفرنسية ديمة عبدالله في باكورتها «أعشاب ضارّة» (2020) التي انتقلت أخيراً إلى لغة الضاد (دار الآداب ـ ترجمة هيثم الأمين) قصة علاقة استثنائية مفعمة بالحب والرقة والمشاعر بين طفلة وأبيها باعدت الحرب اللبنانية بينهما مُخَلِّفة حزناً عميقاً في نفس الطفلة. تحكي الكاتبة على لسان بطلتها عن علاقة تسكنها الكلمات والكتابة التي ورثتها المؤلفة عن أبيها الشاعر محمد عبدالله وأمّها الروائية هدى بركات. تنتقل الرواية من أحداث الطفولة إلى إشكاليات الحرب اللبنانية والمنفى وعدم التكيّف مع المحيط والعالم. تستعرض الكاتبة بقايا صُوَر عالقة في ذاكرتها عن بيروت خلال الحرب عبر إيقاع متسارع للأحداث وتحكي ذكرياتها عن تلك الفترة، ثم تنتقل إلى باريس حيث يلجأ أفراد العائلة هرباً من أتون الحرب تاركين خلفهم الوالد والمنزل والنباتات التي تعشقها الفتاة الصغيرة. رواية تتحدث بلغة شاعرية عن خسارة وطن وأب وقسوة العالم وضحايا الحرب والعزلة التي قد يختارها الفرد لتجنب عنف الجماعة.

يوسف الحسن


عن «مركز دراسات الوحدة العربية»، صدر «الضمير الإنساني في زمن كورونا: يوميات وتأمّلات» للباحث يوسف الحسن. يتساءل المؤلف في هذه اليوميات والتأملات، ما إن كانت جائحة كورونا وتداعياتها ستشكّل بارقة أمل تقود الإنسانية إلى صوغ رؤية ناضجة لمنظومة أخلاق عالمية، تحيي الضمير الإنساني، وتخلصه من براثن الإفلاس التضامني والأخلاقي، وتعيد التفكير في فلسفة التنمية والمجتمع والطبيعة والسعادة والمعاناة، وتفاعل الاجتماع الإنساني في مواجهة الأوبئة وتداعياتها، هي محاور رئيسة في هذا الكتاب، الذي يضم بحوثاً ومقالات وخواطرَ وأشجاناً ويوميات كتبها المؤلف في أعوام كورونا. إنها نصوص فكرية، بقدر ما هي حافلة بهموم الجائحة وبتسجيل مشاعر وطقوس بعضٍ من أيامها وناسها، تسعى لإيقاظ الضمير الإنساني، وإنقاذ مدن حزينة وأسيرة، ولمنح المعنى بعداً مشبعاً بالأمل لإنعاش الروح، ولاستعادة النزعة الإنسانية وقيم التعايش والتسامح في مواجهة الخوف والظلم والكراهية والتفسخ والعنف والقبح والفساد وعدم المسؤولية.

الجوهرة الرمال


أطلقت الروائية السعودية الجوهرة الرمال عنوان «عوسج» على روايتها الجديدة (دار الأدب العربي)، نسبةً إلى شجرة العوسج التى تقول الأسطورة عنها إنها شجرة تسكن تحتها قبيلة من الجان، وتُسمى في بعض الدول العربية الشجرة الشيطانية. تدور القصة حول شاب يُدعى جبران أصيب بلعنة قديمة جعلته يُصاب بالأرق ويجافي النوم ودفعته لاختيار ضحية لقتلها في كل مرّة لينعم بعدها بنوم هادئ لمدة أشهر طويلة. الأمر المرعب أنّ والدته هي أولى ضحاياه. تستمر هذه اللعنة طويلاً، محوّلةً حياة البطل إلى جحيم حتى تظهر كمد وهي جنية من قبيلة غيلان المعروفة بسيادتها وقوتها، فتدلّه على شجرة العوسج التي ستساعده على النجاة من المحنة التي حاقت به. رواية «العوسج» تتأرجح ما بين حقيقة الجريمة وهذيان القاتل، وقد نجحت الكاتبة في توظيف أسطورة شجرة العوسج بطريقة تخدم السياق الروائي، لتأخذ القارئ إلى عالم التشويق والإثارة والترقب. وهكذا يبقى القارئ مشدود الأعصاب ليعرف ما إن كان البطل جبران سينجح في هزيمة السحر والإفلات من تأثيره.

‎رونان ماكدونالد


تدور فكرة كتاب الأكاديمي البريطاني رونان ماكدونالد «موت الناقد» (2007) الذي انتقل أخيراً إلى المكتبة العربية (منشورات المتوسط ــ ترجمة فخري صالح) حول تراجع النقد الأكاديمي وتضاؤل تأثيره وانتشار النقد الثقافي الذي يتصدّر المشهد حالياً. يعلن ماكدونالد موت الناقد والعمل على تأبينه، مشيراً إلى فقدان الناقد الأكاديمي مكانته في الثقافة الإنغلوساكسونية خلال العقود الاخيرة، ولا سيما بعد صعود التيارات المعادية للسلطة والداعية إلى التحرر من كل أشكال الأبوية، بما فيها سلطة الناقد الذي يعطي رأيه بفوقية في الأعمال الأدبية. يقول ماكدونالد إنّ شحوب دور الناقد يعود إلى ابتعاده عن النقد التنويري وانسحابه إلى صومعته الأكاديمية، مكتفياً بكتابة دراسات لا تفهمها سوى النُّخب المتخصصة. يسخر من النقد الأكاديمي الذي لا يُلقي بالاً لما يهتم به الجمهور الواسع من القراء من تعريف بالأعمال الأدبية والفنيّة وتقديم إضاءات حولها. هكذا، ومن وجهة نظر مؤلف الكتاب، مات الناقد بالمعنى المجازي وأخلى مكانه للقارئ الذي يستطيع الآن أن يضفي قيمة على الأعمال الإبداعية التي يقرؤها دون حاجة إلى نقد متخصص، بفضل انتشار المدونات والمواقع التي تتيح لأيّ كان الكتابة عن الروايات والكتب.

عبد القادر ياسين


يغطي كتاب «الحركة الوطنية الفلسطينية في القرن العشرين» (مركز دراسات الوحدة العربية) للباحث الفلسطيني عبد القادر ياسين مساحة زمنية من تاريخ فلسطين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المعاصر، امتدت على مدى القرن العشرين تقريباً، منذ بدايات تنفيذ المشاريع الاستعمارية الغربية والمشروع الصهيوني في فلسطين وما أفرزته هذه المشاريع من حركات مقاومة وتحرير وتحرر وطني على الساحة الفلسطينية، إلى ما بعد اتفاقات أوسلو وقيام السلطة الفلسطينية. يؤرخ الكتاب مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية، بدءاً من تطور الحراك الوطني الفلسطيني تحت الاحتلال البريطاني لفلسطين حتى وقوع نكبة عام 1948؛ ثم مرحلة النضالات الاجتماعية والسياسية المتفرقة في فلسطين والمنطقة، وصولاً إلى هزيمة عام 1967، وانطلاق العمل الفلسطيني في الخارج، قبل أن تغادر فصائل المقاومة الفلسطينية الأردن (1971-1970) إلى لبنان ثم خروجها منه عقب الغزو الإسرائيلي له (1982). أمر خفَّف من تعويل الداخل الفلسطيني على مقاومة الخارج، فكانت «انتفاضة الحجارة» (1987- 1991)، التي أساءت القيادة الفلسطينية استخدامها منزلقة إلى خيار «اتفاق أوسلو»، الذي تمخّض عن سلطة حكم ذاتي مقيَّدة الإرادة والخيارات.