أدونيس يتساءل أدونيس في «دفاتر مهيار الدمشقي- الجزء الخامس» (دار الساقي) عن معنى الوجود والحياة والموت والأبدية، وعن مغزى الشعر والتصوّف ومكانتيهما في لُجّة هذا الكون العميق. يتابع أدونيس خطّه النبوي الرائي معيداً في نصوصه أساطير الألوهة الأولى وحكايات نشوء الكون في حضارتنا الخصيبة الممتدة من سواحل البحر المتوسط إلى سواحل البصرة.


يبدأ الكون عند أدونيس بجرح فُغِر بين السماء والأرض، فامتلأ بالهواء، وعلى هذه الهيئة كانت جمرات قصائده المشتعلة التي فيها بداية الخلق والخليقة والخالق معاً، وفيها مصير ما خلق الخالق وما آلت إليه مخلوقاته. في هذه النصوص، يتبادل الشعر والحكمة مواقعهما باستمرار، ويتناوبان على حبر الكلمات والأفكار، ويتحول «مهيار» إلى نبي خالق جاعلاً من شعره آيات بديعة تتضمن ثراءً تراجيدياً مذهلاً. يتجول شعر أدونيس في ربوع العالم محاولاً التقاط ما يجري على هذه الأرض: حال بلاده وحال العرب والحرية والمنفى والشعر والمخيلة والحب والجسد والذاكرة والتاريخ والحضارة.

آلان دو بوتون
ربما تكون السِّمة الأكثر بروزاً لعالمنا المعاصر هي الاعتقاد السائد بأن العمل يجب أن يجعلنا سعداء ويعطي قيمة لوجودنا. يُقدّم الكاتب والفيلسوف البريطاني آلان دو بوتون في «مباهج وشجون العمل» (2009) الصادر أخيراً عن «دار التنوير» (ترجمة الحارث النبهان) سلسلة من التقارير حول ظروف العمل في مجالات مختلفة.


يتساءل الكاتب حول مدى صحة الربط بين هوية الإنسان ومهنته، وحول الأهمية الكبرى التي نوليها للعمل الذي نمارسه. كرَّس دو بوتون الكتاب لوظائف غير متوقعة في كثير من الأحيان. يلقي الضوء مثلاً على مهنة صيد الأسماك في جزر المالديف. ويتناول تقرير آخر مهمة صناعة الأغذية ونوعٍ جديد من البسكويت، في حين يعالج تقرير ثالث عملية إطلاق صاروخ «أريان» لقمر صناعي في الفضاء لصالح تلفزيون ياباني في جزيرة غويانا الفرنسية... يطرح الكتاب العديد من الأسئلة الفلسفية منها: هل العمل يتوافق مع التوقعات التي كنا نبنيها في سن السادسة عشرة مثلاً؟ في عصر العولمة، هل يمكن تحقيق الازدهار الذي نطمح إليه في عملنا؟

ألِكس ميكايليديس
عشاق الإثارة النفسية، لا تفوّتوا رواية «المريضة الصامتة» (2019) لألِكس ميكايليديس التي صدرت حديثاً عن «دار الشروق» (ترجمة محمد مفضل). يروي الكاتب البريطاني قصة رسّامة بريطانية مبدعة تُدعى أليس تتم إدانتها بتهمة قتل زوجها غابرييل. على إثر الجريمة، تدخل البطلة في صدمة وتلوذ بالصمت، فتعتبرها المحكمة مجنونة وغير مسؤولة عن تصرفاتها ويتم احتجازها في إحدى العيادات النفسية. لكن بعد مرور ست سنوات يتم تعيين معالج نفسي جديد يُدعى ثيو فاربر في المركز الذي وُضعت فيه أليس.


يبذل ثيو جهوداً كبيرة لعلاج المريضة وجعلها تحكي قصّة مقتل زوجها على أمل أن يؤلف كتاباً ناجحاً عن حالتها. وعندما يقترب من فقدان الأمل، تعود أليس فجأة إلى الحياة لكن ردّة فعلها تكون مفاجئة جداً. «المريضة الصامتة» رواية سيكولوجية مثيرة تقشعرّ لها الأبدان، وقد برع المؤلف في التحليل النفسي للشخصيات وقدّم للقراء سرداً فعالاً ومشوقاً ليختتم القصة بنهاية صادمة ومبهرة. تطرح الرواية أسئلة عن الحب والزواج، لكنّ السؤال الأساسي الذي تعالجه هو: كيف يمكن للمرء أن يتخطى الطفولة المُسيئة وأن يتعافى منها؟

سامي كليب
يتابع الكاتب والإعلامي اللبناني سامي كليب في «دروب الحرير-الرحّالة 2 » الصادر عن« دار هاشيت/نوفل» ما بدأه في كتاب «الرحّالة – هكذا رأيت العالم» الذي تميّز بغناه بالروايات عن حضارات وثقافات هذا العالم، في رحلة حصيلتها 25 سنة من السفر، جمع فيها الكاتب بين متعة الرحلات وأدبها إلى المعرفة الدقيقة بالشعوب وثقافاتها وحياتها الاجتماعية وفنونها وسياساتها وتاريخها وواقعها.


من نشأته، يحمل سامي كليب معه تاريخ لبنان المثقل بالحروب، وهو يدور في أصقاع الأرض بحثاً عن فهمٍ أدقّ لجغرافيا العالم وروابط الإنسانيّة وجسور المحبّة، بلا تصوّرات مسبقة. هكذا، سنجد الكثير من الأسئلة المفتوحة، والأجوبة الأكثر انفتاحاً. يتضمن الكتاب أيضاً حصيلة لقاء الكاتب بكثيرين، ناس عاديين، ولكن أيضاً أولئك الذين في مواقع القرار: ثوار سابقون وحكام ومحكومون. بين فرنسا والعراق والأردن والجزائر وروسيا والصين وألمانيا وهولندا وتتارستان، يعود الكاتب من رحلاته محمّلاً بفائضٍ من الحب لعالمٍ رهيب، لكن مع عرضٍ وشروحات وافية للتحوّلات حيثما حدثت.

ماهر زهدي
يتناول ماهر زهدي في كتابه «نعيمة عاكف: التمر حنة» (دار ريشة) سيرة الفناة المصرية الشهيرة التي تميزت ببراعة في الأداء في كل ما قامت به من أدوار، فضلاً عن إجادتها الرقص والغناء وفن الاستعراض. تمتّعت نعيمة عاكف بالكاريزما والبريق وهالة النجومية فعشقتها الجماهير العربية. اتخذت عاكف موقعاً متميزاً بين نجوم ونجمات عصرها وملأت الدنيا رقصاً وغناءً وتمثيلاً واستعراضات مختلفة طوال ما يقارب ثمانية عشر عاماً من تاريخ السينما المصرية.


قدّمت عاكف على مدار مشوارها الفني خمسة وعشرين فيلماً وبرزت بحضورها الطاغي وأدائها السهل. نوّعت الفنانة في أدوراها بين فتاة السيرك وراقصة الكلاكيت والفتاة الغازية التي ترقص في الموالد وصولاً إلى الفتاة الموهوبة التي تقفز من قاع المجتمع إلى قمته. يروي هذا الكتاب مسيرة هذه الفنانة منذ ولادتها ونشأتها في سيرك «أولاد عاكف» مروراً بطفولتها وصباها اللذين امتزجا بالشقاء والشقاوة، قبل أن يبتسم لها الحظ لتصبح واحدة من أهم نجمات مصر والوطن العربي.

غادة عبود
تناقش الروائية السعودية غادة عبود في رواية «العشاء الخامس» (دار أثر) أزمة هوية حادّة تواجهها بطلة الرواية هدى الصايغ بحثاً عن الوطن، بعد رحلة اغتراب طويلة واجهت خلالها تحدّيات عديدة. تسعى البطلة لإعادة غرس جذورها في أرض وطنها وتلتقي خلال مسيرتها بشخصيات مؤثّرة في المجتمع السعودي.


تقع أحداث الرواية في مطلع الثمانينيات، وتروي لنا الكاتبة حكاية هدى الصايغ التي استقرت في مصر مع عائلتها، بعد سفر أبيها الى القاهرة، تاركاً تجارة الذهب في سوق الثميري في الرياض ليلتحق بوظيفة في القاهرة.‎ تتزوج الصايغ شاباً سعودياً وتسافر معه إلى باريس لكنّ العلاقة تتأزّم بينهما لتصل إلى الطلاق. تلتقي لاحقاً الكاتب السعودي الشهير «نور الناجي» وفي فورة الاندفاع، تسافر إلى الريفييرا الفرنسية بحثاً عنه، ثم تصطدم برحيله المفاجئ، بعد سلسلة مواقف مثيرة. ‎تكشف غادة عبود في هذه الرواية الانعطافة الكبيرة التي يشهدها المجتمع السعودي، وتقدم نظرة فلسفية حيال المجتمع والأشخاص بأسلوب سلس ورشيق.