هذا الصباح أيضاً، يشتدّ خوفي أن أغادر هذا العالم، نفسه.
■ ■ ■

ما إن هدأت الرياح، حتى عاد النسيم يرتّب الأوراق الساقطة.
■ ■ ■

على نفسه ينحني وينحني الصفصاف الباكي.
■ ■ ■

هكذا، منذ الصباح وهذا الدوري يهزّ غصن النارنج.
■ ■ ■

الزقزقة ملء الفضاء ولا تزال نائمة مدام فراشة.
■ ■ ■

كيلا يتعثروا، يمشي العميان وعيونهم معلّقة على السماء.
■ ■ ■

ومن خلف قناع الليل، راحت النجوم تتساقط كثيرة لا تُحصى كحبات المطر. وكان كل شيء من حولي يصدح بأنغام سماوية.

سِيْرَا ـــ «أُوركيدة جوَّالة» (زيت على قماش، 2021).

■ ■ ■

كانت النجومُ تأكلُ النجومَ، وكان القمرُ كومةً من جليدْ. كان السوادُ لوناً.
■ ■ ■

كانتا برّيتين تحبسان الضوء، وكان يحدث أن تشرق منهما شمسان.
■ ■ ■

أحياناً، وقد أوغل الليلُ، ثمّة كلماتٌ تولدُ في الصمت، ولا أعود وحدي.
■ ■ ■

لقد كان ذلك آخر عهدنا بالهذيان. ثمة سماوات أخرى بشموس لا تشرق فحسب، بل تحرق، وأقمار أقلّ بلاهة.
■ ■ ■

وهي تنتظر غيمةً أخرى، تملأ السماءُ الفضاء كلّه.
■ ■ ■

وهذه السحابة التائهة بين وادٍ وجبلين، لها من الذكريات أكثر ممّا لي.
■ ■ ■

على الشباك يسيل النهارُ بليداً كاللعاب.
■ ■ ■

في تلك اللحظة، كنتُ جرحَ الأرض وكان نزيفي مواسمْ.
■ ■ ■

في تلك اللحظة، كانت حصّتي على جبيني، وكانت مني العافية.
■ ■ ■

قد أدير ظهري للضحك، وقد أديره للطعنات، لكن يحدث أن أدير ظهري، ومن فوق كتفي، أرمي عظمةً تكفي كل كلاب القبيلة.
■ ■ ■

لا بأس من حين إلى آخر أن يكتب الهايكو بلغة شعرية: بين رشقتين من مطر تشتعل صغيرات الحصى تحت شمسٍ مائلة.
■ ■ ■

كنتُ لأشربَ من حليب هذه الأرض لولا أنني آثرتُ أن أذيب عسل عينيّ في ملوحة الزّبَد.
■ ■ ■

من وحي الحرب: للأمانة، زائرتي هذا المساء قذيفة/ لم يبقَ إلا القليل حتى يسقط حقلُ القمح/ في منظار القناص تطير فراشةٌ معادية/ بوشاحها الأسود وباقة أعواد الريحان يلفّها الشفق لفّاً/ في ساقه الخشبية دقّ مسماراً وعلّق أوسمته جندي شاب/ بشاربيه يصنع الصرصار علامة النصر V
■ ■ ■

مهلاً مهلاً، لو كان لي جناحان لطرتُ أيضاً يا آنسة فراشة.
■ ■ ■

هذا الصباح أيضاً، يشتدّ خوفي أن أغادر هذا العالم، نفسه.
■ ■ ■

ما إن هدأت الرياح، حتى عاد النسيم يرتّب الأوراق الساقطة.
■ ■ ■

على نفسه ينحني وينحني الصفصاف الباكي.
■ ■ ■

هكذا، منذ الصباح وهذا الدوري يهزّ غصن النارنج.
■ ■ ■

الزقزقة ملء الفضاء ولا تزال نائمة مدام فراشة.
* مصياف/ سوريا