بيان نويهض الحوت

مع تصاعد دور النزعة الطورانية وحركة التتريك في الإمبراطورية العثمانية، أخذ الوعي العروبي يتزايد في أوساط النخبة العربية، فبرزت جمعيات سرِّية قدّم عدد كبير من روَّادها حياته على المشانق ثمناً لمبادئهم التحررية والاستقلالية. يعود بنا كتاب «أحاديث ومراسلات عجاج نويهض: الحركة العربية 1905-1933» (مركز دراسات الوحدة العربية ـــ إعداد بيان نويهض الحوت) إلى يوميات الحركة العربية وأحداثها منذ انبعاثها في مطلع القرن العشرين وحتى نهاية الثلث الأول من ذلك القرن. يضمّ الكتاب مراسلات وأحاديث مع 32 رائداً من روّاد الحركة العربية، تركها عجاج نويهض في عهدة كريمته بيان، التي عملت عليها سنوات، توثيقاً وتدقيقاً وتقديماً وشرحاً، لكي تصدر اليوم بين دفتَي هذا الكتاب، الذي يمثّل مرجعاً، كونه يضيء على أحداث ومواقف تُنشر للمرة الأولى، استناداً إلى شهادات من شاركوا في صنع تاريخ تلك المرحلة.

إيزابيل الليندي


«لم يسقط في عائلتنا مُصاب واحد بالوباء، لأنَّ والدي اتخذ الإجراءات الاحترازية الضروريّة قبل تدخل الحكومة المباشر، مسترشداً بالطريقة التي اتبعتها بلدان أُخرى في التصدي إلى الجائحة».
تعود الروائية التشيلية الشهيرة إيزابيل الليندي (1942) إلى الرواية الملحمية، مازجةً الواقع بالخيال، فتُقدم للقارئ رواية «فيوليتا» (2022) التي انتقلت أخيراً إلى لغة الضاد عن «دار الآداب» (ترجمة مارك جمال). حياة بين جائحتين، تبدأ بالإنفلونزا الإسبانية وتنتهي بفيروس كورونا. تسرد فيوليتا سيرتها المفعمة بالشغف على مدى قرن من الزمن، مروراً بمختلف أطوار حياتها، منذ أن كانت طفلة مدلّلة في بيت الأسرة الميسورة، فصبِيَّة حالمة في ريف تشيلي الجذاب، فامرأة عاشقة تشقّ طريقها في الحياة، ثم أمّاً معذبة بمصير ابنها وابنتها، وأخيراً جدَّة مُفعمة بالحماسة للحياة أكثر من أيّ وقت مضى.

محمود الصباغ


يسلط «فلسطين في الفضاء الصهيوني» (دار دال للنشر والفنون»/ دمشق 2022)، للكاتب والمترجم الفلسطيني محمود الصباغ، الضوء على الطرق التي انتهجتها الصهيونية لبناء دولة قومية يهودية على الطراز الغربي، عبر طيف واسع ومتنوّع من المقاربات والنظريات الحديثة في الاجتماع السياسي ودراسات ما بعد الكولونيالية لتعريف القارئ بالطبيعة العنصرية الاستيطانية للحركة الصهيونية وللدولة القومية التي أنشأتها.
يسعى الكتاب لتفكيك الخطاب الصهيوني الاستعماري وإطلاع القارئ العربي على ما يدور داخل المجتمع الإسرائيلي من حيث مشاكله الذاتية، وحلولها وطرق علاجها ومن ثم انعكاسها على الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. يحتوي الكتاب على 11 مقالة ودراسة تُرجمت عن اللغة الإنكليزية، وبعضها كُتب في الأصل باللغة العبرية، ما بين عام 1992 وعام 2014، أي في فترة الانتفاضتين الفلسطينيتين المعاصرتين وبداية انحسار ما يُعرف بـ«الربيع العربي».

جمال حويل


ماذا فعل المنتصرون بالنصر؟ وماذا فعل المهزومون بالهزيمة؟ وكيف استطاع الفلسطينيون المزاوجة بين فهم تجربة مخيم جنين كـ«ملحمة صمود وتصدٍّ» من ناحية كونهم قد انتصروا، وبين فهمها كـ «مجزرة»من حيث حجم الخسائر والتضحيات؟ أسئلة عديدة يحاول الكاتب جمال حويل الإجابة عليها في كتابه «معركة مخيم جنين الكبرى 2002: التاريخ الحيّ» الصادر عن «مؤسسة الدراسات الفلسطينية». يستمد الكتاب أهميته من ثلاثة عناصر أساسية: أولها أنه يُعَدُّ تاريخاً لصيقاً بالحدث نفسه نظراً إلى خصوصية أن المقاوم صار هو الكاتب. وثانيها أنه يبيّن مدى النقص في عملية استخلاص العبر من تجارب مماثلة على المستويين الرسمي والشعبي. وثالثها أن تدوين تاريخ تفصيلي مشفوع بالتحليل السياسي والعسكري والثقافي لمعركة مخيم جنين من شأنه أن يعزز ثقافة المقاومة في ظل الاحتلال الصهيوني المتواصل، وفي ظل قناعة البعض باستنفاد خيار المقاومة المسلّحة.

ناصر عراق


«فجأة لمحت امرأة تشبه مستورة ووجدتني أتساءل أين ذهبت؟ ولماذا تصرّ زوجتي على استرجاعها؟ هل لأنها نشيطة ونظيفة فقط؟ أم لأن المرأة لا تحتمل أن تغدر بها امرأة أخرى من دون أن تعرف السبب؟ وسرعان ما نسيت مستورة عندما مررنا بالأنتكخانة ببولاق، وقد لاحظت أنهم انتهوا من ترميمها بعدما تعرّضت لأضرار كبيرة بسبب فيضان النيل وقد كتبوا عليها بالعربية «دار الآثار المصرية وتحتها الأنتكخانة». تستلهم رواية «الأنتكخانة» (دار الشروق) لناصر عراق، التاريخ لتقدم لنا لوحة جدارية عن تأسيس الخديوي إسماعيل أول مدرسة مصرية عليا لدراسة علم المصريات، تولّى نظارتها عالم الآثار الألماني هنريش بروجش. وفي عام 1837 تخرّج فيها سبعة طلاب، منهم أحمد أفندي كمال الذي أصبح أول عالم مصريات لاحقاً وأميناً مساعداً في الانتكخانة. يمزج الكاتب الواقع بالخيال، حيث يقوم المُتَخيَّل هنا بدور الكاشف عن جوهر الحياة واقتناص العناصر الجوهرية التي يُسقطها المؤلف على التاريخ.

محمد سلامة


في مجموعته الجديدة «كائنات ممسوخة» (دار المصري)، يواصل القاصّ والروائي المصري محمد سلامة خلق عالمه الفني الخاص، إلا أنه هذه المرة يخطو خطوة جريئة عبر معارضة قصصية لقصص وروايات لكتّاب آخرين، منهم من ينتمي إلى جيل الروّاد، ومنهم معاصرون، ومنهم روائيون عالميون كويلز وغوركي وموليير وماركيز. والمعارضة معروفة شعراً، أما في القصة والرواية، فالأمر مختلف. يتناول سلامة الواقع عبر قصص زاخرة بالأفكار والوقائع الغريبة، فيقوم جوهر هذه القصص على غرائبية الواقع الذي جاوز في غرائبيته الخيال. يأخذ الكاتب القارئ معه إلى عالم من الرؤى والأساطير، يغوص في أعماق النفس البشرية ويجعله يطوف في عالمه الثري الذي يبدو هادئاً للوهلة الأولى، لكن حالما يلجه حتى يشعر بما يموج داخله من عوالم شتَّى ساحرة، ما يؤكد أنّ الحياة أكبر وأغرب مما كنا نعتقد.