منذ مؤلّفها الأوّل «ألستُ امرأة؟» (1981) قدّمت بِل هوكس (1952 – 2021)، جواباً لصمت النساء الأفرو أميركيات عن المطالبة بحقوقهن. صمت لم يكن تضامناً مع أبوية أبناء جلدتهن، ولا رد فعل على النسويّات الأميركيّات، بقدر ما عبّر عن عجزهن عن التضامن معاً، «لأننا لم نستطع أن نرى «النسويّة» كعنصر أساسي من هُويّتنا». ظلّت الكاتبة والمفكّرة الأفرو أميركيّة حتى وفاتها قبل أيام، تؤمن بأن لا حريّة عرقية أو اجتماعية من دون النضال النسوي. هكذا غادرتنا أخيراً، أكاديمية راديكالية لم تتردّد يوماً في الهدم والمواجهة من خلال عشرات الكتب والأبحاث حول تجربة النساء السوداوات، خصوصاً أولئك اللواتي انخرطن بالنضال المدني والحقوقي في أميركا.اتخذت غلوريا جين واتكينز، من اسم جدّتها بل هوكس اسماً لها في مجال الكتابة، كأنها بهذا تختصر تنقيبها في الصدمات المتوارثة لدى أجيال من النساء الأفرو أميركيات ومعاناتهن الجندرية والطبقية والعرقية منذ تجربة العبوديّة. أكاديميّاً، دشّنت مجالاً جديداً، بمؤلّفات جمعت فيها الوعي الذاتي بالهُويتين الجندرية والعرقية، وعلاقتهما بالنظام الرأسمالي، وفي سياقاتهما الشعبية والسينمائية والأدبية. إذ انصرفت إلى تقشير الصورة المرسّخة منذ عقود عن أبناء البشرة السوداء، وتمثيلات الجسد الأنثوي تحديداً في الأفلام وفن البوب والميديا. لم يفوّت نقد هوكس أيضاً، الأبحاث الأكاديمية التي تناولت فترة العبودية، والتي استثنت معاناة النساء في ذلك الوقت. تهميش لم يلبث أن انتقل أيضاً إلى حركة الحقوق المدنيّة في أميركا خلال الخمسينيات والستينيات بتسليطها الضوء على القادة الذكور على رغم دور النساء الأساسي فيها.
وفي هذا السياق، تنبّهت هوكس في أحد أهم مؤلّفاتها «النضال النسوي: من الهامش إلى المركز» (1984) إلى الحركات النسوية الحديثة، البيضاء تحديداً، التي أسقطت غالباً الخصوصية العرقية والطبقية لبعض النساء، تحت شعار مختزل هو أن «كلّ النساء مظلومات». وهو شعار يساهم النظام الرأسمالي والبطريركي في ترسيخه عبر منحهن حقوقهن في بعض المجالات، فيما يتم تقييدهن في فضاءات أخرى، ما قد يؤدي إلى إيهامهن بأنهن يملكن كلّ الخيارات كما في الحالة الأميركية. هذه التجربة النقدية الغزيرة، استهلّتها هوكس بمجموعة شعرية بداية السبعينيات بعنوان «وهناك بكينا»، قبل أن تتفرّغ في أبحاث أخرى إلى التصدي للنظرة البيضاء التي حاصرت الأفارقة الأميركيين حتى داخل بيوتهم. من هنا جاء اهتمامها بالحيوات الداخلية والخاصة للسود، ولدور أساليب تربية الأطفال في عملية الشفاء، أكان من خلال مؤلّفاتها الفكرية أم من خلال إنجازها لعدد من كتب الأطفال.