تتكشّف ثورة الطاقة العالميّة أمام أعيننا: أعداد متزايدة من السيارات الكهربائية على طرقنا، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة التي تدوم طوال اليوم بشحنة واحدة، والألواح الشمسية على أسطحنا، وكلّها تعتمد على بطاريات الليثيوم أيون. تحدث هذه الثورة بسرعة مذهلة، مع إمكانية إحداث تحوّل كامل في الصناعات الرئيسة والطريقة التي نعيش بها. للمرة الأولى في التاريخ، يمكننا الآن تخزين هذه الطاقة الخضراء التي نتحدّث عنها كثيراً. غالباً ما يُشار إليه باسم «النفط الجديد»، حيث يسمح الليثيوم بضغط كميّات كبيرة من الطاقة في مساحة صغيرة جداً. الطلب آخذ في الارتفاع وأعمال الليثيوم مليئة بالدراما: المنافسات المريرة والصفقات المشبوهة وأصحاب الرؤى الموهوبون بشكل استثنائي مثل إلُن مَسْك، الذي يبني مصانع ضخمة لبطاريّات الليثيوم في جميع أنحاء العالم.

كتاب «الليثيوم: السبّاق العالمي للسيطرة على البطارية وثورة الطاقة الجديدة» (هيرست أند كومباني ــــ 2021) للوكاس بيدنارسكي، يتنقّل بين بحيرات الملح في هضبة التيبيت، حيث تستخرج الشركات المرتبطة بالحكومة الصينية الليثيوم، إلى الأرجنتين وتشيلي وبوليفيا، التي تمتلك أكبر موارد المعادن في العالم. إنه يكشف عن صراع القوى العظمى لتأمين الإمدادات الاستراتيجية، والجهود المذهلة للمخترعين ورجال الأعمال المنفردين. يستكشف الليثيوم أيضاً التأثير البيئي لاستخراج الليثيوم، وحدود كهربة البطارية، وإعادة تدوير بطارية الليثيوم كطريق للمضي قدماً.
يعتبر الليثيوم ووفرته أو نقصه في قلب التركيز العالمي الملحّ للتحول إلى أشكال طاقة أنظف. مع انتقال العالم إلى المركبات الكهربائية من تلك التي تعمل بالوقود التقليدي، ارتفع الطلب العالمي على بطاريات الليثيوم. في غضون عام، مضى أكبر منتجي المعدن في الاتجاه الصعودي بشأن الطلب على المعدن على المديات القصيرة والمتوسطة والطويلة.
الكاتب يُضيف القول: في عام 2019 وحده قامت الصين بتركيب 1000 محطة شحن جديدة للمركبات الكهربائية كل يوم. تدوم بطارية السيارة الكهربائية، اعتماداً على طرازها وكثافة الاستخدام، ما بين خمس وثماني سنوات. ينص القانون الصيني على أنه يجب إعادة تدوير البطارية فور انتهائها. والصين تملك بالفعل قدرة إعادة التدوير ليس فقط للتعامل مع بطارياتها الفارغة، لكن أيضاً لاستيراد البطاريات وإعادة تدويرها بشكل مربح من الخارج. هذا المؤلّف يروي قصة وصول الصين إلى هذه المرحلة من التطور.
سباق الصين لتأمين موارد الليثيوم عالية الجودة في الخارج


تقدّم الفصول الافتتاحية للقارئ كيفيّة عمل الليثيوم والبطاريات على المستوى الكلي. ثم يُخاطب القارئ بالقول: «من منظور لشخص وُلد في القرن العشرين، فإن براميل النفط والناقلات والمصافي والأمراء السعوديّين موجودون على هامش الخيال على أقل تقدير. الأوراق والأفلام وربما بعض المؤلفات تركت بالتأكيد فكرة عن صناعة النفط. لكن الليثيوم منطقة مجهولة، ما لم تكن مهتماً بشكل خاص بالموضوع، فأنت لم تتعامل مع معادلات كربونات الليثيوم وجيجاوات ساعة كوحدات قياس. أنت لا تعرف الدور الذي تلعبه محوّلات الليثيوم الصينية أو لماذا تعتبر مواد الكاثود مهمة جداً للبطارية».
يتناول الفصل الثاني سباق الصين لتأمين موارد الليثيوم عالية الجودة في الخارج. لم تكن الصين قوية بما يكفي في الماضي، عندما كانت الموارد القائمة على الهيدروكربونات جاهزة للاستيلاء، إما من خلال المعاملات التجارية البحتة أو من خلال الوسائل السياسية. لكنها لم تضيّع فرصتها في شغل المقعد الأكثر أهمية على الطاولة حيث يتعلق الأمر بالتقسيم العالمي لموارد الليثيوم.
الفصلان الثالث والرابع يكشفان عن القصص المثيرة لصهر بينوشيه السابق الذي يقود أكبر منتج لليثيوم في أميركا اللاتينية من وراء الكواليس، وكذلك عن انقلاب الليثيوم في بوليفيا، استناداً إلى مصادر موثّقة جيداً والعديد من المقابلات والمحادثات التي أجراها الكاتب، وهو محلّل مواد البطاريات ومؤسس بوابة صناعة الليثيوم Lithium Today وتاجر سلع سابق، مع المشاركين في سوق الليثيوم وصنّاع السياسات.
في الفصل الخامس، يُلقي الكاتب نظرة على الليثيوم والبيئة، إضافة إلى تأثير انبعاثات الكربون الصافي للانتقال إلى المركبات الكهربائية.
يركّز الفصل السادس على إعادة التدوير والتعدين الحضري. فالليثيوم معدن يمكن، نظرياً، إعادة تدويره إلى ما لا نهاية.
ينظر الفصل الأخير إلى المستقبل ويُناقش المشاريع على الطريق لجعل الطيران الكهربائي أو السفن العابرة للمحيطات حقيقة واقعة. وينظر أيضاً في كيفية تأثير الانتقال إلى المركبات الكهربائية في سلاسل الإمداد الحالية الموجهة لمحركات الوقود.

* lithium: The Global Race for Battery Dominance and the New Energy Revolution. hurst & company 2021. extent: i-viii, 290. LUKASZ BEDNARSKI (2021)