يقول المؤلف إن الدولة الواحدة موجودة بالفعل، والسؤال هو: كيف يمكن تحويل دولة الفصل العنصري الاستعماري الاستيطاني إلى دولة ديمقراطية علمانية لجميع مواطنيها. يجادل الكاتب بأنه يجب إعطاء الأولوية للسرد الفلسطيني من حيث النضال ضد الاستعمار، كما يجب على السكان المستوطنين الاستعماريين التعامل مع المستعمَرين من خلال الاعتراف بدورهم الضمني في الاستيلاء على فلسطين. يوضح هالبر أن المؤلف تحليل إسرائيلي للاستعمار الاستيطاني، ويضيف: «هذا ليس مؤلفاً قد يكتبه فلسطيني، لكن نأمل أن يجده الفلسطيني مفيداً». يقر هذا البيان بأهمية التمييز بين الرواية الفلسطينية والإسرائيلية، وإفساح المجال للأولى، مع تضمين الثانية كمرفق فقط.
من خلال تتبع منطق الاستعمار ونزع الملكية، يجادل هالبر بأن إنهاء الاستعمار يجب أن يبدأ من الوضع الاستعماري نفسه. لكن «مشروع المستوطنين لا يريد تحديد حدوده النهائية حتى يتم دمج كل «المنطقة غير المحدودة» مادياً وقانوناً» وبدعم من الوضع الاستعماري الاستيطاني الأوروبي، فضلاً عن أن شرعنة المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني على الساحة الدولية، مكنت «إسرائيل» من تأكيد وجودها من خلال عدة أشكال من العنف. ويناقش المؤلف هذه الأشكال العنفية بالتفصيل، ضمن خلفية من التداعيات السياسية على الشعب الفلسطيني.
يوضح المؤلّف أنّ كتابه تحليل إسرائيلي للاستعمار الاستيطاني
ينسج هالبر وصفاً معقداً لكيفية مساعدة وتحريض الاستحقاق اليهودي والشرعية الممنوحة دولياً للمشروع الاستعماري من قبل الأمم المتحدة، بالقول: «عهدت عن علم بمصير شعب بأكمله إلى حركة استيطانية معلنة استحقاقها الحصري للبلاد، واستعدادها لتوظيف الفتح العنيف والترحيل».
أدى التحول التدريجي من المقاومة المناهضة للاستعمار إلى الدبلوماسية من قبل الفلسطينيين إلى استمرار «حلّ» الدولتين لصالح «إسرائيل». يؤكد تحليل هالبر أنّ منظمة التحرير الفلسطينية كانت تعلم أن حلّ الدولتين لن يتحقق، ومع ذلك فإن براغماتيتها، أي سياساتها الذرائعية، تضفي الشرعية أيضاً على وجود «إسرائيل». كما استخدم المجتمع الدولي الخسارة المستمرة للأراضي والقيود الاقتصادية وتراجع التنمية الفلسطينية ضد المستعمرين. خاضعاً للاقتصاد النيوليبرالي، ازداد انقسام المجتمع الفلسطيني بسبب قرار المؤسسات الدولية إعطاء الأولوية للضفة الغربية المحتلة على غزة من حيث التنمية، وإن كانت لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية.
في غضون ذلك، عمّقت اتفاقيات أوسلو الرواية الأمنية الإسرائيلية وتعاون السلطة الفلسطينية مع إسرائيل. على الصعيد الاقتصادي، أدى الحرمان بين السكان إلى تحول نسبة من الفلسطينيين إلى مخبرين لإسرائيل. مع دعم جميع المكونات للرواية الأمنية الإسرائيلية، وبالتالي إضفاء الشرعية على مفهوم الصراع، تم تهميش القضايا الحقيقية للاستعمار الاستيطاني.
ومع ذلك، كتب هالبر أن فشل الصهيونية في القضاء التام على السكان الفلسطينيين يترك إنهاء الاستعمار كطريق للمضي قدماً. يلاحظ المؤلف أنه منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر، شارك الفلسطينيون بنشاط في المقاومة اليومية، أو الصمود. إن النهج القائم على الحقوق، وهو ما أدرجه الفلسطينيون في كفاحهم ضد الاستعمار، يتعرض للخطر بسبب حقيقة أن الاستعمار الاستيطاني غير مدرج في إعلان الأمم المتحدة بشأن منح الاستقلال للبلدان المستعمرة. وبالتالي، فإن المسار القانوني والسياسي لإنهاء الاستعمار يحتاج إلى معالجة، ويرجع ذلك بشكل أكبر إلى حقيقة أن الدولة الواحدة ما زالت لا تعتبر خياراً، ناهيك بالطريق إلى الأمام.
ecolonizing Israel‚ Liberating Palestine: Zionism‚ Settler Colonialism‚ and the Case for One Democratic State (2021)