أعاد الروائي الطنجي محمد سعيد احجيوج إحياء السجال حول دور «مؤسسة إدمون عمران المالح» الغائب في إعادة طباعة أعمال الكاتب المغربي الراحل (١٩١٧-٢٠١٠) وإعطائها إشعاعاً جديداً من خلال الندوات التكريمية والتناول النقدي.

وكان محمد سعيد احجيوج قد وجّه، أخيراً، رسالة مفتوحة إلى أندري آزولاي، الرئيس الشرفي لـ«مؤسسة إدمون عمران المالح» (والمستشار في البلاط الملكي) الاسرائيلي الهوى، يدعوه فيها إلى العمل على إعادة نشر تراث الراحل، بعدما لاحظ غياب نصوص المالح في المكتبات المغربية، سواء في أصلها الفرنسي أو في ترجماتها العربية. وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها توجيه سهام تقصير «مؤسسة إدمون عمران المالح» تجاه التعامل مع تركته الأدبية، إذ سبق للأكاديمي والروائي والناقد المغربي محمد برادة أن عبّر عن سخطه تجاه ركود نشاط المؤسسة في تعريفها بإدمون عمران المالح. ويجمع المغاربة جميعاً، بمثقفيهم وحتى بحكامهم، على اعتبار المالح، ليس فقط كاتباً أساسياً، بل أيضاً قامة وطنية، في مواقفه المشرفة، كابن للحركة الوطنية المغربية، تجاه القضايا التي تتبناها القوى الحية في المغرب وطنياً وقومياً.
إدمون عمران المالح، الذي تعود أصوله إلى عائلة تجّار يهود من مدينة الصويرة، من مواليد مدينة آسفي (١٩١٧)، ناضل في صفوف الحزب الشيوعي المغربي من أجل استقلال المغرب، وتدرّج في صفوفه إلى أن صار عضواً في مكتبه السياسي. اشتغل مدرّساً للفلسفة في ثانويات الدار البيضاء، واضطر بعد الحملات القمعية للنظام المغربي في ١٩٦٥ إلى مغادرة المغرب إلى فرنسا، والكفّ، منذ ١٩٥٩، عن أي نشاط سياسي، مكرّساً وقته للكتابة والصحافة، محرراً ثقافياً في «لوموند» الفرنسية. يعتبر مقاله السجالي الرائد «مغاربة يهود، لا يهود مغاربة» (المنشور في مجلة سارتر «الأزمنة الحديثة»)، من أولى الكتابات في الدفاع عن الهوية الوطنية للطائفة اليهودية في بلده، ولكل طوائف السفارديم، مفنّداً بذلك الدعاوى الغربية الاستعمارية والصهيونية لكاتب كألبير ميمي. لإدمون عمران المالح أربع روايات تغترف من سيرته ومن واقع الطائفة اليهودية المغربية: «المجرى الثابث» (١٩٨٠، صدرت عن دار الفنك/ كازابلانكا، بترجمة عربية بديعة للشاعر محمد الشركي، ولم تُعَد طباعتها أبداً، رغم نفادها)، و«ألف عام بيوم واحد» (١٩٨٦، صدرت ترجمتها العربية عن دار توبقال/ كازابلانكا، ولم تُعَد طباعتها، رغم نفادها)، و«عودة ابو الحكي» (١٩٩٠) «ايلان أو ليل الحكي» (٢٠٠٠)، إضافة إلى دراسات فنية تتناول مجال التشكيل والفوتوغرافيا المغربي.