يتناول «مسلمو الصين وإمبراطورية اليابان: مركزة الإسلام في الحرب العالمية الثانية» (منشورات جامعة نورث كارولاينا ــ 2020) للكاتبة الأميركية كِيلي هامند البرفسورة المساعدة في مادة التاريخ في «جامعة أركنسَس»، استغلال الاستعمار للإسلام وتحديداً كيفية توظيفه في تنافس اليابان ومن بعدها القوات الصينية في المستعمَرة لكسب ود مسلمي البلاد، وهو تتويج لسنوات من البحث الأرشيفي ويستخدم مصادر بخمس لغات من سبع دول لنسج قصة موحدة حول تورط الإمبراطورية اليابانية مع مسلمين من الصين خلال الحرب العالمية الثانية، دوماً بكلمات الكاتبة. دوافع الإمبراطورية اليابانية (بمعنى الاستعمار الياباني – ز م) للاهتمام بمسلمي الصين الأم تتلخص في أن تؤدي جهودها إلى خلق كادر من المسلمين الموالين لها، يدعمون أجندتها المعادية للغرب والشيوعية.

فهدف فكرة اليابان لنشر المسلمين الصينيين كنوع من الحرس المتقدم، هو تطوير العلاقات السياسية والتجارية مع العالم الإسلامي الأوسع، وخاصة مع الشرق الأوسط، حيث كان وجود اليابان حديثاً نسبياً ولا يزال ضعيفاً. وقد مارس التعليم دوراً كبيراً في جهود اليابان لكسب دعم الصينيين المسلمين ودعموا الإصلاحيين المسلمين في الصين وساعدوا في إنشاء المدارس وقدّموا منحاً دراسية للرجال والنساء المسلمين للدراسة في طوكيو.
[اشترك في قناة ‫«الأخبار» على يوتيوب]
تتابع الكاتبة تطورات نشاط اليابان لاستقطاب مسلمي الصين، عبر كل أرشيفات اليابان والصين ومراجع أخرى ضمن خمسة فصول، أولها، الذي يلي المقدمة، «من ميجي عبر مانشوكو: اهتمام اليابان المتنامي بالمسلمين الصينيين». وقد تم تأطيره في إطار الاهتمام الفكري الأوسع بكل من الإسلام والدين الذي بدأ في أواخر فترة ميجي (1868-1912). في الفصل الثاني (الجلوس على سياج من الخيزران: مسلمو الصين بين القوميين الصينيين والإمبراطورية اليابانية)، نرى أن المسلمين الصينيين الذين كانوا يعيشون تحت الاحتلال أصبحوا نقطة الانطلاق لفحص مدى استجابتهم التي يدعمها القوميون للاحتلال الياباني. فبمراجعة الدوريات الإسلامية المنتشرة على نطاق واسع والتي يرعاها القوميون والتقارير الحكومية المتداولة داخلياً والتي غطّت بعثات استطلاعية لزيارة المجتمعات الإسلامية الصينية التي تعيش تحت الاحتلال، يسلط الفصل الضوء على الشعور بالإلحاح الذي يستحقه هذا الموقف من الحكومة القومية، كما يستعرض ردود فعل المجتمعات المسلمة الصينية على تغييرات المناهج المقترحة للمدارس الإسلامية من كل من القوميين والإمبراطورية اليابانية. تم تنفيذ هذه الإصلاحات المتنازع عليها باللغتين الصينية واليابانية في المدارس الإسلامية كوسيلة لتلقين الشباب المسلم، ونرى أنهم واجهوا مقاومة قوية من المجتمعات الإسلامية المحلية، التي رأت أن إصلاحات اللغة تشكل تهديداً لتعلم اللغة العربية والسلطة المحلية للمسجد.
الفصل الثالث (المسلمون الصينيون خارج الصين المحتلة) يتتبع عدداً من المسلمين الصينيين الذين تركوا المناطق الواقعة تحت الاحتلال للزيارة أو الدراسة في طوكيو، والسفر في أنحاء شرقي آسيا، وأداء فريضة الحج بمساعدة مالية من الإمبراطورية اليابانية.
يفحص الفصل الرابع (توظيف الإسلام: المسلمون الصينيون وإمبراطورية اليابان الطموحة) خطط الرابطة الإسلامية اليابانية الكبرى التي تتخذ من طوكيو مقراً لها لنشر المسلمين الصينيين لبيع الشاي الياباني والسلع المصنعة في أسواق جديدة يغلب عليها المسلمون في أنحاء جنوبي آسيا وآسيا الوسطى وشمالي إفريقيا والشرق الأوسط جميعاً. كانت هذه الخطط محورية في الجهود المبذولة لإنشاء أسواق جديدة في الأماكن ذات الغالبية المسلمة. يوضح الفصل الخامس (التشابكات الفاشية: المساحات الإسلامية والمصالح المتداخلة) أن الإمبراطورية اليابانية كانت واعية وانتقادية للطريقة التي تعامل بها الفاشيون الإيطاليون والنازيون مع المسلمين تحت حكمهم من خلال القراءة الدقيقة لوثيقة يابانية سرية تسمى «السياسة الإسلامية الإيطالية».
تتعمق الخاتمة في ميراث الفاشية العالمية وتقدّم رؤى ثاقبة للروابط بين السياسة الإسلامية اليابانية في زمن الحرب، وسياسات الأقليات العرقية في مطلع نشوء جمهورية الصين الشعبية، وعلاقات كل من القوميين الصينيين والشيوعيين مع دول ما بعد الاستعمار المستقلة حديثاً والتي لها قدر كبير من الأهمية مثل الهند وباكستان وإندونيسيا وماليزيا ومصر، مع التركيز تركيزاً خاصاً على أصداء الخطاب المناهض للسوفييت والمناهض للإمبريالية في الدعاية القومية لما بعد الاستقلال التي أنتجتها الحكومات الشيوعية والمناهضة للشيوعية في جميع أنحاء آسيا والشرق الأوسط في البلدان الإسلامية. يجادل بأن إرث الفاشية اليابانية استمر في الحرب الباردة.

* China›s Muslims and Japan›s Empire: Centering Islam in World War II - The University of North Carolina Press 2020