ترجمة: مهدي النفري
1. كوكب الحيوان
‎أنا سيّد هذا الكون، المرح والسّرور هما الشّيئان الوحيدان المهمّان عندي، بالإضافة إلى أنه لا توجد حقيقة أو لغز آخر، داخل هذا الخلق عندما يفكر الإنسان الحديث بهذه الطريقة يتحول إلى خنفساء. خنفساء سوداء قوية البنية في حوض الأمازون. يتجول بين أغصان أشجار المطّاط بتبجّح وغرور.

يجلس في مقهى في ريو دي جانيرو مرتدياً نظارة وتعابيرَ خطيرةً على وجهه، منغمساً في الخطاب الفكري حول المسك وميشيل فوكو. في الحقيقة، إن المقهى ليس سوى فرع طويل من شجرة مطاطية ضخمة، يتدفّق تحتها نهر الأمازون. وفي مياه ذلك النهر وسط الغابات المطيرة الكثيفة تسبح سمكة «قرد الماء». السمكة لها لحيتان طويلتان للغاية على ذقنها، فجأة تقفز سمكة القرد المائي من الماء إلى ارتفاع ست أقدام في الهواء، تلتهم الخنفساء بدقة في فمها وتختفي في مياه الأمازون.
إليا كوموڤ ــــ «پورتريه روسي للهِند» (زيت على قماش، 2016)


2. ‎الشّاعر والحانة
‎في إحدى الحانات ليلاً، تقابل شاعراً يمكنه قراءة قصائده عن ظهر قلب. أنت تحتقر القصائد لأنها غامضة مثل ابتسامة قطة وفاترة مثل عينَي الغراب. إنك تحتقر الشعراء أكثر لأنهم ليسوا بشراً ولا وحوشاً لكنهم شياطين بحجم نصف ليتر، ولا حدود لطموحهم وادّعاءاتهم. يمكن لكلّ واحد منهم أن يقرأ قصائده عن ظهر قلب مثل المتسوّل، الروبوت. ومع ذلك في حانات الليل لا يمكنك التفكير في تناول بعض المشروبات من دون وجود شاعر واحد على الأقلّ مهووس بذاته على طاولتك. ما يحدث في كلّ مرة في مثل هذه الحالة يحدث اليوم أيضاً. في البداية، تكوِّن صداقة حميمة كبيرة مع الشاعر، لتلتقط معه شجاراً سيئاً لاحقاً، بعد مناقشات ساخنة حول اللاهوت البوذي والوجودية. إنك تشنّ هجوماً شرساً على الشّعراء قائلاً إنهم مهرِّبون غير شرعيين للحزن والخطيئة في الفن، وإنهم يعيشون فقط على حبّ الذات، وإن الشّعراء ليسوا سوى واقيات ذكوريّة ملوّنة وزجاجات خمور مكسورة حول فندق سياحيّ. الشّاعر لا ينطق بكلمة واحدة ردّاً على انتهاكاتك ويجلس بوجه حزين، تماماً كما يجلس الدّرويش بصمت أمام ضابط شرطة. تشعر أنك في حالة جيدة وتغمض عينيك بشكل واضح. وعندما تنظر مرة أخرى، يختفي الشاعر. ترى كرسيّه الفارغ وكأسه الفارغة يحدقان فيك، مثل كلمتين فارغتين لقصيدة
فاشلة.

(*) ولد رانجيت داس عام 1949 في مدينة سيلشار في ولاية آسام الهندية، وانتقل لاحقاً إلى كلكتا حيث عمل في الخدمة المدنية غربَ البنغال، تقاعد منها طواعية في عام 2006. وهو عاشق للرسم والسينما وكرة القدم حيث يعيش هناك مع زوجته وابنه. كتب داس باللغة البنغالية وصدرت له أعمال عدة، منها: «مختارات من الشعر البنغلاديشي»، وكتاب «كابوس صيفي وقصائد أخرى» . حصل على العديد من الجوائز، سافر على نطاق واسع، وقرأ أعماله في مختلف المنابر الوطنية والدولية وتُرجمت أعماله إلى العديد من اللغات.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا