1. محنة
ربط العجوز جحشه في الخلاء، على عودي النبتة البرية في الخلاء ومضى إلى السوق، ابتهج الجحش بهذه الغنيمة ولمعت عيناه البنيتان الصافيتان فرحاً، سرعان ما انطفأ ذاك البريق حين عاد العجوز سريعاً وبيده كيس طحين. وضع الرجل الثمانيني بضع حَجَرات على الأرض فوق بعضها، وحلّ وثاق الجحش باليد التي تمسك العصا، صعد برجل على الحجارة وطوح بالرجل الأخرى في الفراغ متكئاً باليد التي تحمل الكيس على رقبة الجحش. أمر الجحش بالانحناء حتى يثبت جلسته، كان الجحش لا يزال يمضغ ورق النبتة، حار كيف ينحني والقضمة تحتاج منه رفع رأسه حتى يحكم الضغط بقواطعه على الأوراق الخضراء، وبحركة واحدة أحنى رأسه ثم رفعه وقد هبش بكامل اتساع فكيه على الأوراق بقوة أعانته على قضمها وتقطيعها. تحرك بهمة وسرور، جذلاً بإنجازه الأمرين في وقت واحد: إطاعة أمر صاحبه، والفوز بلقمة تسليه في الطريق. فيما استوى العجوز متوازناً برجليه، وأمامه على عنق الجحش يتأرجح كيس الطحين.


هناء مال الله ـــ «هو/ هي لا صورة لهما» (تجهيز على جدار، 2019)


2. كمائن
الكمائن نوعان، نوع في رحلات القنص والصيد، وآخر في الحروب والمعارك، كلاهما قائم على الخدعة والحيلة.
نوع الحروب يُعرف بالخطط لأنه يستلزم المعسكرات والعدة والعتاد والاستعداد، وتُستخدَم فيه المباغتة والاستدراج، تَشترِك في إعداده الطبيعة والخيال الماكر المغامر.
أما النوع الأول، فأعجب ما رأيت في صيد البحر وكمائن الأسماك، حين يتحرك الزورق بسرعة فائقة ساحباً بجانبه الطعم، يسابق السمك الزورق يطارد الطعم حتى يقع في الصنارة.
كمين طائر، يمخر عباب الأمواج، يسمى الترويد، تلاحقه السمكة، تحسب أنها الصياد وهي الطريدة.
وهناك حيّات الصحراء، تنتصب واقفة فاغرة فمها مستندة على ذيلها، تغري الطيور والجراد بظلها وسط البياض، تتشبه بجذع نبتة نحيل محني كعرش النسيم.

* أصيلة/ سلطنة عمان

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا