«أرى أن البشرية تجتاز منعطفاً تاريخياً للوقوف في وجه كورونا، وأن ما بعد كورونا سيكون عالماً مختلفاً عما كان قبله: السيادة العالمية، وشكل الاستعمار، والاقتصاد، وتنقّل البشر، والفكر والثقافة والإبداع. ما هو تصورك كمبدع ومثقف للإجابة على السؤال التالي: اليوم الثلاثاء 24 آذار (مارس) 2020، فكيف تتخيّل يوم الأربعاء 24 آذار في العام القادم؟». سؤال وجهه طالب الرفاعي إلى 88 مثقفاً عربياً، فكانت الحصيلة إجابات متفاوتة في تشاؤم وتفاؤل وتشاؤل أصحابها حيال تأثير الجائحة الكونية وارتداداتها على هذا الجزء من الكوكب.

وضع الروائي الكويتي الإجابات أمامه فوجد أنها تتمحور حول ثلاثة مسالك تتعلّق بحال الكائن العربي وخشيته من الانزلاق إلى قاع أعمق من الاحتضار المعرفي، والريبة من سيادة عالمية أكثر بطشاً واستبداداً، واحتمال بزوغ سرديات شرسة تطيح السرديات المستقرة في كتابة التفكّك والأفول والزوال، و«لحظة كونية تحفر مسارها، لتخطّ تاريخاً جديداً للبشرية». أفكار ورؤى وتطلعات ضمّها كتاب بعنوان «لون الغد: رؤية المثقف العربي لما بعد كورونا» (دار ذات السلاسل- الكويت)، قدّم له أمين معلوف، وقام بمراجعته نزار العاني، وحمل تواقيع: أدونيس، وقاسم حدّاد، والحبيب السالمي، وواسيني الأعرج، وعباس بيضون، ويحيى يخلف، وليلى العثمان، وعبده خال، وإبراهيم عبد المجيد، وسعيد يقطين، وعزت القمحاوي، وعلي المقري، وآخرين.
لفت أدونيس إلى خطورة «الحجر العقلي» الذي يعيشه العرب منذ 14 قرناً


أشار أمين معلوف في شهادته إلى أن «من يقرأ التوقّعات والتأمّلات التي جمعها ونسّقها طالب الرفاعي في «لون الغد»، تتّضح أمامه صورة عالمنا كما ظهر فجأةً تحت مجهر الجائحة. عالَمٌ لم يعد يثق بالوعود ولا بالعقائد ولا بالقادة. عالمٌ قويّه هزيل، وعظيمه ضئيل، وثوابته زائفة. عالم عليل تائه، يبحث عن بدايةٍ جديدة تغيّر المسار، وتُصلح ما أفسده الماضي، وتُعيد كلّ العدّادات اللعينة الى الصفر. أليْس أملنا جميعاً أن تكون وقفة كورونا مقدّمة لانطلاق عالمنا، أخيراً، نحو غدٍ مختلف؟». في إجابته، يلفت أدونيس إلى خطورة «الحجر العقلي» الذي يعيشه العرب منذ أربعة عشر قرناً، ويتساءل: «أيتها الطبيعة-الأم-الأرض، لمن نتوجّه، وكيف؟ انظري معنا إلى هذه «الوحدانية» السائدة: حتى في شموليّة الدّاء وكونيّته، بدلاً من أن تتعاطف «شعوبها» بعضها مع بعض، وتتآزر، نرى شعوباً بكاملها تعاقب شعوباً أخرى وتمنعها حتى من شراء الدواء، فيما ترسل إليها «معوناتها» و«هداياها» في طائرات القتل والفتك والتدمير! أهذه هي الإنسانية، حقاً؟ أهذا هو الإنسانُ، حقاً؟ أليست هذه هي المسألة التي تتيح طرحها بإلحاح على العالم، عالمية الكورونا؟».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا