من مدينة «متجهّمة وقذرة» كما وصفها تاجرٌ فرنسي عام ١٦٦٠ إلى «درة تاج الباديشاه» كما وصفها القيصر فيلهلم الثاني حين زارها عام ١٨٩٨، كانت «باريس الشرق» تنبعث ثانية على تلك الضفة للمتوسط، من رماد الرومان والسلوقيين، ومعارك الجَنَويين والبنادقة والمردة على أسوارها، وصولات الفرنجة وصلاح الدين قرب أبراجها، وحدائق فخر الدين التي «تحتوي بقعة أرض مقسمة إلى ستة عشر مربعاً أصغر، كل أربعة منها بصف واحد مع ممرات بينها مظلّلة بأشجار البرتقال وجميعها ذات نمو جميل لكل من الساق والرأس، وكانت هذه الأشجار مذهبة بالفاكهة التي كانت مدلاة عليها بشكل أكثف من التفاح الذي رأيته في إنكلترا»، كما يقول الرحالة الإنكليزي هنري موندريل الذي مرّ بها عام ١٦٩٧ أثناء حجّه من حلب إلى القدس. كيف تشكّلت بيروت الحديثة منذ غزو المصريين لها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر؟ وكيف زاحمت المدن المتوسطية من الإسكندرية وأزمير وسميرنا في المجد والتجارة والعمران؟ أي سرّ ولعنة في هذه المدينة المكشوفة للبحر والقناصل والنوارس والرصاص؟ أمام الطعنة التي تلقتها في قلبها، نستعرض في «كلمات» قصة حياتها ومولدها في التاريخ الحديث، حبّاً بها وخوفاً عليها من السفاحين والجزّارين والعابثين والمفسدين وزعماء الحرب الأهلية ومصاصي الدماء والصيارفة وتجار الهيكل. ندخل في أسواقها وأبوابها وأبراجها، نسقي وردها، ونرمي الحبّ للحَمَام على أبراجها، ونلوحّ بدمعنا وابتسامنا للبحر والمنارة والمرفأ، بيروت نجمتنا، وخيمتنا، وخندقنا الأخير حتى يمر الليل.
عن صفحة Old Beirut lebanon على فايسبوك


1660م:
مدينة متجهّمة وقذرة

يمكن اعتبار محمد علي مؤسساً لبيروت الحديثة. عند غزو الجنود المصريين لها عام ١٨٣١، كانت بيروت «مجرد متاهة من الأزقة الضيقة والبيوت ذات الأسقف البارزة، في حالة من القذارة الشديدة وقد حُشرَت داخل أسوار صليبية سميكة». حين غادرها المصريون مكسورين بعد تسعة أعوام، تركوا مدينة على مشارف الحداثة. كانت بيروت إسلامية في الدرجة الأولى إبان القرن التاسع عشر، وفي ما بعد تنوع تركيبها الديني والمِلّي ليصل إلى ما هو عليه الآن. فحين زارها في عام ١٦٦٠ شوفالييه دارفيو وهو تاجر أصبح لاحقاً القنصل الفرنسي في حلب، كتب: «مدينة بيروت متجهمة، شوارعها ضيقة وقذرة جداً في الشتاء. وسكانها كثيرون نوعاً ما، والعدد الأكبر منهم من المسيحيين اليونانيين، وتجارة هذه المدينة كبيرة جداً. وفي المساء كان سكانها يشربون النبيذ ويغنّون في حدائقهم. يعيش سكان بيروت معاً عيشة طيبة أيّاً كان دينهم. وهم أناس مهذبون يتزاورون ويقيمون حفلات مبهجة». لم تشبه بيروت في عمران معابدها المدن الداخلية مثل أورشليم ودمشق، حيث لم يكن في بيروت مناطق وأحياء منعزلة لأصحاب الأديان المختلفة، بل قامت المساجد على كتف الكنائس، كما كانت كنيسة القديس جاورجيوس الأرثوذكسية ذات القبتين تقف بجوار الجامع العمري في عام ١٧٦٧.

1800م:
مدينة التجار والقناصل

بعد عام ١٧٩٩، صارت بيروت محجّة للتجار الأجانب الذين كانوا يتاجرون مع سورية من صيدا وطرابلس، بتشجيع من الأمير بشير الثاني الذي كانت سلطته تبدأ خارج أبواب المدينة. كانت بيروت أو «مدينة الصنوبر» كما سماها الرومان تجمع إلى المناخ الصحي اللطيف، سهولة الوصول إلى الجبال بالنسبة إلى أولئك الفارّين من الطاعون أو الأتراك. وبحلول عام ١٨٠٧، بلغ عدد سكان بيروت نحو سبعة آلاف شخص، آخذة محل صيدا بوصفها الميناء الرئيس لدمشق. وفي عام ١٨١١، كتب القنصل الفرنسي أن «تجارة هذه البلدة تزيد يوماً بعد يوم». كانت بيروت موزاييكاً من العائلات التجارية الغنية، مثل عائلتي الخازن وشهاب الإقطاعيتين، وغيرهما ممن ساهم في تشكيل بيروت الحديثة، إضافة إلى أسرتَي بربر وبيهم المسلمتين، وعائلات سرسق وبسترس وتويني وطراد الأرثوذكس، وعائلتي فرعون وزنانيري من الكاثوليك اليونان اللتين أخذتا تنقّلتا بين سورية ومصر إبان القرن الثامن عشر. في التعايش السهل والمعقد في آن معاً للطوائف، طلب الكثير من تجار بيروت الحماية القنصلية الأجنبية لتقوية شوكتهم في المنافسة مع التجار الأجانب، خاصة تجارة الحرير، مدعومين بحنكة في التجارة ورثوها عن أجدادهم الفينيقيين، ومهاراتهم اللغوية وموقعهم الجغرافي بين أوروبا وآسيا: كل ذلك ساهم في إعطائهم ميزة نسبية على من عداهم، و«باستخدام لغة عاطفية تخفي المصلحة الشخصية، حاولت كل طائفة دينية أن تغوي قوة أجنبية. وبحثت كل قوة أجنبية عن طلاب حماية محليين مناسبين. وقابلت التدخل الخارجي رغبة داخلية في مزيد من التدخل»، كما يشير المؤرخ فيليب مانسيل.

1840م:
باريس سورية

بحلول عام ١٨٤٠، كانت بيروت تزاحم الاسكندرية في سرعة التغيير. وفي شهادة للإنكليزي ف.أي.نيل الذي عاش في بيروت من عام ١٨٤٢ إلى عام ١٨٥٠ يقول: «كانت تبنى يومياً قصور جديدة ضخمة ملكاً للتجار الأغنياء، وكذلك مقاهي وفيلات ريفية ومصانع حرير تعمل بالبخار. ومع النمو في ثراء السكان، بدأوا يعيرون انتباهاً أكبر للملابس والموضة، وقليلون منهم من كانوا لا يستطيعون التحدث بطلاقة اللغة الإيطالية التي كانت اللغة المشتركة للشرق. وكان بعض النبلاء يقيمون من حين إلى آخر حفلة راقصة مع عشاء فاخر، كان يدعى إليها أعضاء النخبة من كل الأديان. وفي هذه المناسبات، كانت الفرقة الموسيقية التابعة للباشا تحضر عادة وتقوم بعملها. بدأ الأثاث والسكاكين والشوَك يتسلل إلى البيوت. وكذلك بدأ المسرح والصحف في الظهور». كما قصد ولي عهد مصر سعيد باشا ابن محمد علي بيروت في عام ١٨٥٩، وأعجب بالسراي الفخم لعائلة بسترس، فاتخذه مسكناً بدل بيت الحاكم العثماني. وفي وصف لنمط حياة البيروتيين في حينها، يقول مانسيل: «كان البيروتيون يتنزهون في المساء على الطريق الغربي المتّجه إلى رأس بيروت، وهو اللسان الذي تقع عليه الجامعة الأميركية حالياً، وكان الأولاد يسبحون في البحر، والرجال يدخنون النرجيلة ويتسامرون في حالة من المرح وهم جلوس على الكراسي، وكانت النساء يجلسن القرفصاء على الأرض في مجموعات. وفي الليل، كان يكسر الصمت عواء الكلاب ونباحها ونهش بعضها في بعض والعواء الموحش لقطعان ابن آوى والضجيج الدائم للفرق العسكرية وهي تعزف إنزال العلم والمناداة على الأسماء في الثكنات العثمانية». وصف الكاتب الإنكليزي ف. أي نيل المدينة بأنها «باريس سورية بكل معنى الكلمة» وهو التشبيه الذي عرفت به بعدها. ازدهر الميناء بعدها ليجد المسافرون في كل خطوة مشهداً حافلاً بالعجَلة والعَدْو والانطلاق، «إذ تصل بواخر وتغادر أخرى، ويسرع التجّار من أجل البريد، ويعدو الكتّاب بسندات الشحن والحوالات، وتفرّغ سلع وتحمّل أخرى، ويسرع السماسرة إلى البضائع وغيرها آلاف من الأحداث الكبرى المرتبطة ببلدة تجارية، فهواء الأعمال التجارية الأوروبية يهبّ هنا في كل الأنحاء كافة».

1860:
مدينة الكتاب والعلم

بعد عام ١٨٦٠، ووسط ظروف اقتصادية وثقافية مستقرة ومزدهرة، خطت بيروت إلى الأمام بثقة وقوة. ففي عام ١٨٦٣، أنجزت شركة «كومت دي بيرتيو» طريقاً معبّداً عبر السبعين ميلاً التي تفصل بيروت عن دمشق وأخذت مركبات السفر التي تجرها الخيل تنتقل يومياً بين المدينتين. من ناحية أخرى، أضحت بيروت عاصمة كبرى للنشر، وأنشئت أول مطبعة في بيروت استقدمها المبشّرون الأميركيون من مالطا. في البداية، اقتصرت المطابع على طباعة الكتاب المقدس، لكن سرعان ما استخدمت لإصدار أول صحيفة عربية غير رسمية في بيروت هي «الحقيقة». وبعدها بقليل كان عدد الصحف والنشرات الدورية الصادرة في بيروت أكبر مما يصدر في أي مدينة عربية أخرى. وبذلك، بدأت المدينة تكتسب سمعتها باعتبارها العاصمة الثقافية للعالم العربي. وبحلول نهاية القرن، كان لبنان يضمّ أكثر من عشرين مطبعة. ثلاثة أرباعها في بيروت، لتصبح بيروت غوتنبورغ العالم العربي بعدما نشرت عدة آلاف من الكتب باللغة العربية. وإلى جانب الطباعة، أصبحت بيروت أيضاً عاصمة التعليم وقبلة علمية للعالم العربي. ففي عام ١٨٢٣، افتتحت أول مدرسة تبشيرية أميركية، لم يعارض المسلمون إنشاءها كما هو متوقع، بل الكاثوليك المحليون. وفي عام ١٨٣٥، أنشأ الأميركيون واحدة من أولى مدارس الفتيات في الإمبراطورية العثمانية في بيروت. وفي عام ١٨٦٦، أنشأ المبشرون الأميركيون الكلية البروتستانية السورية بقيادة القس دانيال بلس. وفي عام ١٨٨٢، احتجّ الطلاب حين فُصل أستاذ ناقش نظرية داروين بشأن أصل الأنواع. وفي عام ١٨٧٥، أنشأ الآباء اليسوعيون مدرسة في بيروت، كانت الأصل لـ «جامعة القديس يوسف» بفضل احتوائها على كليات طبية ولاهوتية ومطبعة وكلية للدراسات الشرقية وصحيفة. كما أنشئت «المدرسة الألمانية للشماسات» (١٨٦٢)، و«مدرسة نوتردام دو نازاريت» (١٨٦٩) وكلية فرنسة للحقوق عام ١٩١٣. وقد أنشئ في بيروت عام ١٨٥٧ مجلس بلدي يضم عدداً مساوياً من الأعضاء المسيحيين والمسلمين، قبل اثنين وعشرين عاماً من تأسيس المجلس البلدي في الاسكندرية، وكان أول رئيس للمجلس هو نامي بك، ابن الضابط الذي حكم المدينة في عهد ابراهيم باشا إبان العقد الرابع من القرن التاسع عشر وبقي في بيروت.

1880م:
ساعة لكل طائفة

كانت بيروت ترتدي في حداثتها الطابع العثماني، كأنها زهرة شباب الإمبراطورية. وفي عمران بيروت العثمانية، يقول مانسيل: «في عام ١٨٥١، بنيت ثكنات إمبراطورية ضخمة على أعلى تل في المدينة، وهي ما عرف لاحقاً بالسرايا الكبير. وفي عام ١٨٨٤، بنيت البناية الحكومية الرئيسة أو السرايا الصغير، لتكون مقراً للحكومة المحلية، وافتُتحت على الجانب الغربي من الساحة الرئيسة التي كانت تعرف حينئذ باسم الساحة الحميدية على اسم السلطان. وكانت الحديقة العامة الحميدية الممتدة في منتصف الساحة، تضمّ أكشاكاً وفرقة موسيقية عسكرية. وشيّد فنار في عام ١٨٨٩، كان إحدى منارات الإمبراطورية العثمانية المائة والخمسين التي انتشرت في شرق البحر المتوسط. وكذلك بنى عبد الحميد في بيروت، كما في العواصم الإقليمية الأخرى، مستشفيات ومدارس وكلية للفنون والحرف وأسبلة لماء الشرب ومراكز شرطة ومكتب بريد. وعلى التل بجوار الثكنات، صمم المهندس يوسف أفتيموس تلميذ الكلية البروتستانتية السورية الذي عمل في الولايات المتحدة الأميركية، برج ساعة عثمانياً محدثاً مزخرفاً. كان وجهان لبرج الساعة بالأرقام العربية ووجهان بالأرقام اللاتينية. بالنسبة إلى السكان المسلمين، كان الوجهان الأولان يشيران إلى المواقيت الإسلامية التي يبدأ فيها اليوم من الغروب، وكان الوجهان الآخران يظهران التوقيت الإفرنجي الذي يبدأ اليوم فيه من منتصف الليل. في بيروت، كان الدِين يفصل التوقيت كما يفصل أي شيء آخر. وبين الأعوام ١٨٨٩ و١٨٩٤، شيدت الشركة العثمانية الإمبراطورية للموانئ ميناءً حديثاً ورصيفاً وحاجز أمواج ومخازن، وأصبح في مقدور السفن أن ترسو مباشرة على رصيف الميناء. وفي عام ١٨٨٩، أدخلت الإضاءة بالغاز ثم الترام الكهربائي في عام ١٩٠٧. وفي عام ١٩٠٣، افتتح خط سكة حديد على أرصفة الميناء مباشرة، وازدهرت التجارة.

1898 م:
درة تاج الباديشاه

بالتزامن مع صعود بيروت كعاصمة تجارية وثقافية، أخذت المدينة تزدهر مثل الإسكندرية بما أسماه أحد قاطنيها «الحانات السحرية والنبيذ والأسرّة المعطّرة». ومنذ عام ١٨٦٠، كانت مدام دي بيرتيو قد لاحظت أن «ينشروا عادة الملاهي الليلية غير المعتادة هنا». وفي غابة على حافة المدينة، كان رستم باشا، الإيطالي الذي اعتنق الإسلام وكان الحاكم لجبل لبنان من عام ١٨٧٣ إلى عام ١٨٨٣ قد أنشأ «حديقة إنكليزية». وفي المساء، كان الباشا يقيم في الحديقة حفلة موسيقية، ويتبادل المجاملات مع السيدات في الأكشاك، وأصبحت المدينة ملتقى للمتأنقين من الجنسين. وفي عام ١٨٩٣، أُنشئ مضمار لسباق الخيل على أطراف المدينة. وبحلول عام ١٩٠٩، كانت بيروت تضم ثمانية عشر فندقاً وأربعين ماخوراً، وكانت فتيات المواخير يُفحصنَ نظرياً ثلاث مرات في الأسبوع. جاءت ذروة بيروت الحميدية مع زيارة القيصر الألماني فيلهلم الثاني في تشرين الثاني (نوفمبر) ١٨٩٨ مصحوباً بحاشية ضخمة. وسط حشود هادرة، زار القيصر وزوجته المدارس والمستشفيات الألمانية والمنتزه الواقع خارج المدينة واستعرضا القوات، وأعلن القيصر بيروت «الجوهرة في تاج الباديشاه».


دليل صغير لبيروت العثمانية

أبواب بيروت
١-باب أبو النصر: وكان موقعه قريباً من سوق الخضار واللحوم والأسماك، سمي بهذا الاسم نسبة إلى الشيخ ابو الوفاء عمر أبي النصر اليافي، وهو من مستحدثات القرن التاسع عشر.
٢-باب ادريس: من أبواب بيروت القديمة المعروفة، يطل على الجهة الشمالية للسور، وله مدخل داخلي يطل على خط الترامواي المستحدث في أوائل القرن العشرين، قريباً من سوق أياس، وقد سمي نسبة لعائلة إدريس التي استوطنت تلك المنطقة.
٣-باب الدباغة: سمي بهذا الاسم لوجود دباغة للجلود بقربه، وكان موقعه في الجهة الشرقية لميناء بيروت وكان يوجد أمامه دار على جانب البحر للأمير ناصر الدين التنوخي المتوفي ١٣٥٩م. من أكثر أبواب المدينة ازدحاماً بالتجار لقربه من الميناء، وكان أمام الباب المركز الخاص بتحصيل المكوس والضرائب المقررة على البضائع الصادرة والواردة.
٤-باب الدركة: وموقعه من أول شارع المعرض من جهة القبلة، واللفظ فارسي ويعني باب القصر ومن ملامحه حتى أواخر القرن التاسع عشر عبارة يونانية محفورة على عتبة قديمة «أيها الداخل بهذا الباب افتكر بالرحمة».
٥- باب السرايا: أو باب المصلى، وهو الباب الوحيد الذي يستمرّ مفتوحاً إلى حين صلاة العشاء باعتباره الباب الرسمي للمدينة، وقد سمي كذلك لمحاذاته لسراي فخر الدين التي تهدمت عام ١٨٨٢. موقعه قرب جامع الأمير منصور عساف قرب سوق سرسق، يحده من الغرب السراي، ومن الشرق الطريق المؤدّي إلى محلة المدور التي كانت تُعرف باسم مزرعة الصيفي، ومن الجنوب خان الوحوش، وسهلات البرج حيث تقع ساحة الشهداء، وسينما أوبرا حيث كانت اسطبلات فخر الدين المعني.
٦- باب السمطية: يقع من الجهة الشمالية لسور بيروت إزاء البحر، وقربه مقبرة (الصمطية) الكبيرة، بالقرب من مقهى الحاج داوود في الطريق إلى المرفأ وقد سمّي نسبة إلى السماط وهو جانب الطريق أو أرصفته حيث كان الباعة يعرضون بضائعهم.
٧-باب السلسلة: وموقعه قرب المرفأ شمالاً لوجود سلسلة في المرفأ تؤمن للسفن الرسو وتمنع المراكب الصغيرة من الدخول والخروج وقد هدم إثر عاصفة هوجاء عام ١٨٤٩.
٨-باب يعقوب: يقع على الطرف الشمالي لتلة الأمريكان وكان يؤدي إلى ساحة السور أو ساحة السبيل الحميدي ومن ثم ساحة رياض الصلح وينسب اسمه إلى أحد القاطنين بقربه يعقوب الكسرواني أو يعقوب أبيلا، الطبيب وقنصل إنكلترا في صيدا المتوفى عام ١٨٧٣.

الأبراج
١-برج الأمير جمال: من أهم الأبراج العاملة في بيروت ورد ذكره في كتاب الشيخ أحمد بن محمد الخالدي الصفدي عن فخر الدين المعني، قائلاً: «وكتب (فخر الدين) إلى جميع أهالي الشوف ليجيئوا إليه بالعدد، وأرسل بلوكباشيين بنفرهما مسكوا برج بيت الأمير جمال الدين في مدينة بيروت، لأنه برج منيع وحاكم على جميع المدينة والبيوت».
٢-برج الكشاف: يقع عند ساحة الشهداء ويكشف تحركات الأعداء القادمين من البحر، ويعود بناؤه إلى عهد الملك الظاهر برقوق في القرن الثامن للهجرة، وقد أشار صالح بن يحيى إلى ذلك في قوله: «وفي أيام السلطان الملك برقوق، عمّر البرج الكبير ببيروت على قاعدة برج من أبراج القلعة الخراب فقرروا به المجاهدين».
٣-برج البعلبكية: وقد سمي كذلك لأن أجناد قلعة بعلبك كانت تتجرد إلى بيروت أبدالاً، كل بدل شهر. ويأتي كل بدل من بعلبك كل سنة للغزو في البحر والدفاع عن الثغور.
٣- برج الباشوراء: يقع حنوبي سور بيروت والباشوراء سد من التراب لمنع وصول الخيالة والرجال والسهام إلى موضع المحاربين، وكان يتصل بمغارة تنفذ إلى منطقة المزرعة جنوباً.
٤-برج أبي حيدر: يطل على بيروت القديمة من أعلى تلك وكان موقعه للجهة الشمالية من دار المفتي الشيخ مصطفى نجا.
٥-برج الخضر: وموقعه ظاهر بيروت شرقي المدينة بمحاذاة البحر، ويقول عنه الرحالة جون كارن: «على الهضبة الصغيرة إلى وراء يتجلى برج قديم يقال إنه قريب من الحقل الذي ذبح به القديس جاورجيوس التنين»
6ـ الأبراج الأخرى: برج دندن، برج بيهم، برج سلام، برج القشلة، برج السلسلة، برج شاتيلا، برج حمود، برج الحصن، برج شعبان، برج سيور، برج البراجنة وخمسة أبراج عسكرية مميزة: برج القلعة، برج عليني، برج السنطية، البرج البراني، برج الشيخ.

الأسواق
١-سوق الأساكفة: ويسمى سوق السكافية أو سوق الصرامي، وكان يقع في داخل السور قرب الجامع العمري الكبير بالقرب من «قفة الخبز»، ويرتبط بأسواق أخرى مثل سوق النجارين وفيه قهوة تلبي حاجات الإسكافية من الشاي والقهوة والنارجيلة.
٢-سوق البازركان: ويعني البازار، وهو سوق الأقمشة وأدوات الخياطة ويقع بمحاذاة الجدار الشرقي لجامع الأمير منذر وقرب جامع شمس الدين (محمد الأمين)، وكان من الأسواق المسقوفة وله طبقتان: طابق أرضي خصص لدكاكين الخياطين العربي الذين كانوا يصنعون القنباز والعباءات والصداري والشروال، وشغلت جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية بعض الطوابق العليا كمكاتب لموظفيها.
٣-سوق العطارين: يقع غربي الجامع العمري الكبير وتباع فيه جميع مستلزمات العطارة والوصفات الطبية والأعشاب والسوائل الطبية، وتميزه بركة شهيرة ونوفرة.
٤- سوق الحدادين: ويقع في الطريق إلى الميناء وكان مركزاً للأشغال المتعلقة بالحديد والصناعات الحديدية اللازمة للبيوت والمباني والدكاكين والعربات وسوى ذلك، وكان أول السوق من مدخل سوق البياطرة، بينما يلتقي سوق الحدادين بالباب الشرقي للجامع العمري الكبير حتى أول سوق اللحامين عند مدخل كاتدرائية مار جرجس.
٥-سوق القطن: يقع ابتداء من مخفر ميناء بيروت صعوداً على خط مستقيم بشارع فوش حتى بناية البلدية الثانية، وكان يتفرع من السوق ثلاث ممرات: الأول عند مدخل باب الدباغة الذي سمي فيما بعد جامع الصدّيق، والممران الآخران يبتدئان من بناية البلدية الثانية واحد للشرق ويدعى سوق الخمامير وزاروب سابا، وواحد للغرب يصل سوق القطن بسوق البياطرة. كما يوجد فيه فرن ومعصرة.
٦-سوق الخُضَر: كان موقعه مكان مقبرة الغربا قريباً من مقبرة الخارجة إزاء جامع وزاوية التوبة الواقعة قريباً من الميناء، وفيه تتجمع الخضار الواردة من بيروت والمناطق، أما سوق الخضار الآخر المستحدث شرقي المعرض فقد عُرف باسم «سوق النورية».
٧-سوق الشبقجية: يختص بالصناعات المرتبطة بالتدخين والمدخنين، مثل الشبق وهو الغليون، والنرابيج للنراجيل المدبوغة باللون الأحمر خاصة، والأدوات النحاسية والزجاجية المرتبطة بها، وكان صاحب الشبق أو صانعه يسمى «الشبقجي»، بينما نافخ الغليون أو الأركيلة ومدخنها يسمى «شبقلو».
8 ـ من الأسواق الأخرى
سوق أبو النصر، سوق الأمير يونس، سوق النجارين، سوق الصاغة، سوق الزبيبة، سوق سرسق، سوق الزبيبة، سوق الخمامير، سوق بوابة يعقوب، سوق مسجد التوبة، سوق الطويلة، سوق القزاز، سوق القهوة، سوق أياس، سوق الفشخة، سوق القطايف، سوق الأرمن، سوق المخللاتية، سوق اللحم، سوق المنجدين.

المراجع:
- «ثلاث مدن مشرقية»، فيليب مانسيل، سلسلة عالم المعرفة، جزء ١، عدد ٤٥٤، ترجمة مصطفى قاسم، ٢٠١٧
- «بيروت المحروسة في العهد العثماني»، حسان حلاق، الدار الجامعية، ١٩٨٧