1. أكتبُ من داخلِ مستنقعٍ، بِلُغةٍ تتعرَّقُ، ويَدايَ الحديديّتانِ تصهَرُهُما الكلمات، والحبلُ الرابطُ بينَ جُمجمتي والغدِ يسْحَلُني على هذا الزمنِ الإسفلتيّ. لولا النبيذُ اللاذعُ للروحِ، والكأسُ التي من ضوءٍ وهميّ، لما مرّ هذا البؤسُ من حَلْقي. بالحديد والنارِ أكتبُ، وأخطو على الأبجدية التي كزجاجٍ مكسورٍ، بقدمينِ حافيتينِ، ولا أُدْمَى. من داخل الليل أكتبُ وِجْهاتٍ يابسةً، وأَجري نحوَ سلسلةٍ خضراءَ. والحقيقةُ تحترقُ في يدِي.- والآن، ماذا ستفعلُ بكل هذا السّأَم؟
- أُلقيهِ إلى سِباعِ روحي لتأكلَه.
- وبِماذا ستَفْخرُ غداً؟
- بالسُّكر الطافِح، والعشقِ المتطرّف، ودَمِي.

واندا كوب ــــ Note for Dreamline (أكريليك على كانفاس ـــ 101.6 × 76.2 سنتم ـــ 2019)

2. لعلّ الماءَ زلزلهُ الرجوعُ إلى منابعهِ لعل الماء زلزلهُ الحنينُ. وفوق التلِّ أسماءُ الأيائل منذ فضتها ولكن لا تلينُ. جرحتَ اللثغةَ الأولى ونبَّذتَ الكلامَ جرحتَ قلب الغابةِ الثكلى جرحتَ أمومةَ الكلماتْ. وعلّمتَ الرخامَ تبتُّل الناياتْ. لعل الماءَ، قلبَ الماءِ منفطرٌ، ولكن لا يُبينُ.
3. اللّيلُ الأبديُّ الهابِطُ على كتفَيْكِ، وعيناكِ النَّبِيَّتَانِ المبشِّرتانِ بالفتنةِ، وابتسامتُكِ الحليبيّةُ، وباقي لأشياءِ الفاتكةِ فيكِ، تعصِرُ بخبرةٍ أزليّةٍ خمرَ العشقِ، وتدلُقهُ بدلالٍ ملوَّنٍ على قبرِ النصِّ والكاتِب.
4. ينتَهي صوتُ الذّهبِ عندمَا تبتدئُ الفراشةُ ويُولَجُ النهارُ في المَاء. هذهِ، تقريباً، حكايةُ الفجرِ الخَديج. وعليها تعليقاتٌ ومراجعاتٌ كثيرةٌ، تُشكّكُ وتُؤكِّد.
5. لا يأسف عاقلٌ على فقد دُمَل، والليلُ كفنٌ ينهر الجثّةَ ويحلمُ بحساء الألوان. مستمسكاً باللغة، طارداً يديهِ وزاهداً في السماء، يهبط الكلامُ كالجاثوم، غيرَ عابئ بمنجلك، منجلِ التأويل. هكذا النصّ: زِحامٌ في الزحام.
6. بعد أن تدورَ الدوائرُ سنلتقي وسنرى، بعينين فقط، الجُثثَ تسحب نفسها إلى المُهود، والسماءَ تأكل بَناتِها. قبل ذلك، يجب كسرُ الجليد، والإيمانُ بعدالة القنافذ. مثلاً، لا تَحْكِ الدّم. ولا تلوّث طريقاً إلى مشنقةٍ بِسيرةٍ آمِلة، وقد يجب أيضاً، تحريرُ الشك في حالة اعتقاله، واغتيالُ العيد. ولتكن ذريعةً: طبيعتُه المؤجِّلةُ للثورة.
7. في الكرسيّ المجانِب، تجلسُ الشمسُ رفيقةً لسفَري البارد. الشياطينُ تدحرج حبّاتِ دمي إلى الهاوياتِ. كنتُ أمسِ مسجوناً في نفسي كلَيْلٍ بِلا باب. أمرُّ بالمدُن فَترجُمني الذكرياتُ ويُعلّمني الصَّريرُ كيف أُطفئُ الذئاب. كلَيْلٍ بِلا باب، كنتُ أمسِ مسجوناً في نفسي. أقمتُ حَفلاً شاهقاً للزُّجاج، وربطتُ قلبي إلى السرير، ثمّ دخل ملاكٌ إلى رأسي ونِمْتُ.
8. تهُبُّ بكامِل حَدائقِها. تُزهِرُ الكأسُ. تسكَرُ نَظرَتِي. بَسمتُها مُكعَّبُ ثَلج. تهُبُّ بِكُلِّ جَنُوبِها. تُرَوّضُ جمُوحَ الجِهاتِ. تَغسِلُ بِعينيها المَشْرَب. تَهبُّ بِكامِل عَرشِها. وَإنّه بسمِ اللهِ وإنه مِن.. وَكأنَّهُ هُو. تهبُّ. في يَدي الهُدهدُ. في دمِي النَّمْلُ. كأنه هُو. هُوَ هُو. وإنه بسم الله وإنّه مِن.. ثُمّ، وقبلَ أن يرتدَّ إليّ طَرْفِي، مَلَّكَتْنِي الجِهَاتِ جَمِيعَها.

* فاس