علاقات الجمهورية التركية العِلمانية مع كيان العدو الصهيوني الاستعماري - الاستيطاني بدأت في مرحلة مبكرة من اغتصاب فلسطين، وتحديداً في عام 1949. فصول كتاب «العلاقات الإسرائيلية - التركية في منظور مقارن» (2019 ــ SPRINGER) تُشكِّل مجتمعةً دراسة واسعة النطاق تحلل العديد من الأحداث الداخلية والخارجية التي قادت إلى قيام علاقة بين كيان العدو والدولة التركية وتؤثر فيها حالياً. موضوعات هذا المؤلف تضمّنت دراسة السياسة والأيديولوجيات والطموحات الوطنية والشؤون العسكرية والتجارة والطاقة والاقتصاد والسياحة.لكن من غير الممكن قراءة علاقات تركيا بكيان العدو الصهيوني الاستعماري - الاستيطاني على نحو منفرد، ذلك أن منطقتنا أبعد ما تكون عن الاستقرار والأوضاع والعلاقات بين الدول والكيانات فيها تتأثر على نحو كبير بالعلاقات بين القوى والدول والتطورات، إذ وجب الأخذ في الاعتبار اندلاع ما يسمى الربيع العربي وصعود قوى حزبية دينية إسلامية بدعم أميركي مباشر ودخول قوى أخرى من خارج الإقليم إلى الحلبة ومنها روسيا وإيران. لكن وجب عدم إهمال تطلعات تركيا السيد رجب الطيب إردوغان إلى إحياء العثمانية، وهو ما لا يخفيه الحزب الحاكم في أنقرة وهو حزب ديني (إخوان مسلمي تركيا) وهو ما أهمله المؤلف رغم أهميته. لذلك، فإنّ هدف هذا الكتاب ــ رغم ما يحويه من نواقص ــ تقديم قراءة في علاقات كيان العدو الصهيوني بتركيا المعاصرة من منظور مقارن وتقديم رؤى لمجموعة واسعة من التخصصات حول القضايا والأزمات في العلاقة بين الطرفين، علماً بأن قائمة المشاركين تضم كتّاباً أتراكاً وصهاينة.


فصول هذا المؤلف الثمانية تبحث في القضايا الخارجية والداخلية والتغييرات التي حدثت في العلاقات الخارجية والمجالات المحلية في كلا البلدين، ويركز كلّ منها على قضية مختلفة، على النحو الآتي:
الفصل الأول: «تقديم» خصّصته محررة المؤلف ومحرره أورنا ألموغ وايسيغول سيفر لعرض المحتوى وشرح منهجية البحث.
الفصل الثاني: «اليهودي الجديد والتركي الجديد: تحليل مقارن لبناء الأمة التركية والإسرائيلية [كذا! – ز م] ضمن إطار الدين والحداثة والعِلمانية»: تراجعت الروح العِلمانية في تركيا منذ الخمسينيات فصاعداً، وبقوة أكبر في الألفية الثانية، وفي حالة «إسرائيل» في سبعينيات القرن العشرين وثمانينياته. وترافق ذلك مع صعود الليكود وازدياد تأثير الدين في السياسة التركية والإسرائيلية على جدول الأعمال مرة واحدة وإلى الأبد. أصبح الانصهار بين الدين والهوية القومية، الحقيقية والمتخيلة، أقوى بعد هذه الفترات الزمنية، لكن على المرء أن يدرك أنه على الرغم من العلمانية المبكرة للحركات «القومية الإسرائيلية» والتركية، احتل الدين موقعاً مركزياً في تعريف الدولتين التركية واليهودية.
الفصل الثالث: «تقلص القطاع الثالث [العِلماني] في إسرائيل وتركيا»: تكشف حالات إسرائيل وتركيا والأمثلة التوضيحية الأكثر تحديداً لمجموعات المجتمع المدني في كلا المجتمعين عن نمط مماثل، أحدها توسع السياسة في المجال المدني واستخدام المجتمع المدني مجالاً سياسياً للتجنيد وانتشار أفكار المؤسّسات الحكومية ومحاربة المنافسين السياسيين.
الفصل الرابع: «ماوي مرمرة وتبعات رحلة مشؤومة»: لم يحل التقارب في عام 2016 مسائل القدس وغزة وحماس والنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. هذه القضايا لا تزال تثير الخلاف وتوتر الوضع بين الحكومتين مع أن الطرفين توصلا إلى شكل من أشكال العلاقة العملية/ النفعية، إلا أن الحالة المزاجية بين تركيا و«إسرائيل» تظلّ صعبة.
الفصل الخامس: «ولادة تحالفات وعلاقات متدهورة: تركيا وإسرائيل واليونان في شرقي البحر المتوسط»: مخصّص لدراسة التطورات الأخيرة في شرقي البحر المتوسط وتأثيرها ​في الظروف الأمنية لدول المنطقة وكيانها. فآثار الربيع العربي وظهور منظمات إرهابية جديدة والهجرات الجماعية زادت من عدم القدرة على التنبؤ في المنطقة. وبالتالي أصبح اتّباع نهج استراتيجية جديدة إلزامياً للدول لحماية مصالحها. إن انهيار العلاقات الإسرائيلية مع تركيا يمثل تحدّياً سياسياً جديداً لـ «إسرائيل» وله تأثير سلبي في وضعها الأمني، ما دفعها للبحث عن خيارات أمنية بديلة وسعت إلى إقامة تعاون إقليمي أوثق مع اليونان وكذلك مع قبرص.
الفصل السادس: «كيف عدلت الحرب الأهلية في سوريا من ميزان القوى في العلاقات الإسرائيلية-التركية»: مخصص للحديث في تأثير الحرب في سوريا في علاقات الطرفين.
الفصل السابع: «العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل وتركيا: هذا الفصل مخصّص للحديث عن اقتصادات الطرفين وإمكانية التكامل بينهما، فالأولى لديها قطاع زراعي صغير لكنه متقدم، وقطاع تكنولوجي كبير وناجح للغاية وصناعات البتروكيماويات والكيماويات. تركيا لديها قطاع زراعي كبير مع إمدادات كبيرة نسبياً من المياه والعمالة الرخيصة ولديها أيضاً قطاع صناعي كبير يعتمد جزئياً على الاستثمارات الأجنبية في صناعة السيارات وغيرها. كما أن لديها موارد طبيعية تشكل أساس صادرات البضائع شبه المصنعة مثل مواد البناء. هذه الصناعات تعتمد أيضاً على العمالة الرخيصة نسبياً.
احتل الدين موقعاً مركزياً في تعريف الدولتين التركية واليهودية


الفصل الثامن: «توقعات الغاز الطبيعي في إسرائيل وتركيا»: حلل هذا الفصل إنتاج إسرائيل الغاز وتجارته مع التركيز على نحو خاص على المرحلة الأخيرة التي تبحث فيها عن شركاء لنقله وتصديره. يرى المؤلف أنّ الأمر الأخير سيؤدي في النهاية إلى وسائل جديدة للتعاون مع عدد لا يحصى من الجهات الفاعلة التي ستكون فيها تركيا واحدة من أكثر الشركات الواعدة. بعد هذا الافتراض، حلل هذا الفصل إمكانات تركيا من حيث سوق الغاز وشبكة خطوط الأنابيب والبنية التحتية للطاقة لإظهار الطرق التي قدموها مزايا للمصدرين الناشئة مثل إسرائيل.
الفصل التاسع: «تغير أسلوب السياحة بين إسرائيل وتركيا: تأمل في علاقة مضطربة»: كانت حقيقة أن مئات الآلاف من اليهود الإسرائيليين الذين قضوا إجازة في تركيا واحدة من أعمدة العصر الذهبي الإسرائيلي - التركي للعلاقات التي بدأت من التسعينيات وتنتهي بفترة ولاية العدل والتنمية الثانية (2007-2011). كان الانخفاض الحاد في عدد السياح الإسرائيليين اليهود أحد مظاهر الأزمة بين الدولتين. إن تعقيد العلاقات التركية الإسرائيلية منذ عام 2007 وهشاشتها ينعكس أيضاً على البعد السياحي، ذلك أن المشاعر السلبية التي تطوّرت في كلا المجتمعين تجاه بعضهما سوف تبقي العلاقات متوترة لبعض الوقت.

* Contemporary Israeli–Turkish Relations in Comparative Perspective. SPRINGER (2019), XV, 254 pages. Ayşegül Sever, Orna Almog