في زمن بعيد قرأت خبراً عن امرأة سويدية تنتظر موافقة الدولة لكي تصير شجرة توت بعد موتها، وأن يصير زوجها المتوفى شجرة سرو كما حلما معاً، قرأت الخبر بصوت عال، ثم صرخت بحماسة وأوصيت أمي: — لا تدفنوني، بل ازرعوني مثلهما..
شهقت أمي: — بعد الشر..
لكن أختي ليلى ابتسمت وقالت لي: — أية شجرة؟ سرحت قليلاً قبل أن أخبرها — شجرة ليمون.. سألتني: — لماذا؟
بينما كانت والدتي تتابعنا باستنكار ولا تفهم لماذا أستدعي الموت بمزحة سخيفة، ولماذا تجاريني ليلى في هذا السخف، قلت ما أردت أن تفهمه أمي: لا أريد أن ينقطع عطري بعد الموت..
وأخفيت ما ستفهمه ليلى مهما داريته: أود أن أجذب الناس برائحتي، ثم إذا ما جاؤوا لقطف ثماري جرحتهم بشوكي، جرحاً خفيفاً يذكرهم بي، ويعودون من أجله، وليس من أجل الليمون فحسب.
لا أذكر ما حدث لينفذوا وصيتي، كل ما أتذكره أنني عشت ظلاماً طويلاً في رحم الأرض، قبل أن أنبت ذات صباح وأرى سماء.
* القاهرة