هل حصل معك مرة، عزيزي القارئ، أنك كنتَ تبحث في الإنترنت عن عروض ابتياع بضاعة ما ولنقل إنها لمركبة من طراز محدد. وبعد إغلاقك علامة التبويب تلك والانتقال إلى علامة تبويب أخرى، تفاجأ بدعايات من الموزّع نفسه وغيره للمركبة نفسها التي كنتَ تبحث عنها؟ إذا كان ردك بالإيجاب، فهذا يعني أن موقع الموزع الذي زرته أول مرة كان يتتبع سلوكك في الإنترنت ويرسله في الوقت نفسه إلى مواقع أخرى. هذا أمر مزعج للغاية، لكن الأمر قد يكون أكثر خطورة إذا تعلق الأمر بمسائل شخصية. إذا حصل معك هذا الأمر أو ما يشبهه (واقرأ أيضاً عرضنا مذكرات المسرب الأميركي إدورد سنودن في هذا المنبر) وشعرت بالانزعاج، فهذا المؤلف لك.في مجال شرح محتوى مؤلفهما «إلقاء الضوء على الدارك وِيب: دليل لبحث آمن» (ليتلفيلد ـ 2019)، سجل الكاتبان ماثيو بيكستروم وبرادي لوند وهما عالم حاسوب وعالم مكتبات، أن مؤلفهما يصحّح النظرة التي ترى أن الـ «دارك نت» موقع خبيث عبر شرح مهمتها، وأن الأمر يتعلق بإخفاء شخصية المتصفح أو المستخدم ليس غير. وفي هذا الزمن، عصر 1984 الحقيقي حيث تحاول مختلف الحكومات فرض رقابة حتى على أنفاس البشر، فإن الحفاظ على الخصوصية يصبح في أحيان عديدة مسألة حياة أو موت، خاصة إذا تعلق الأمر بمسرّبين موالين أو بمعارضين لأنظمة دموية دكتاتورية. أي أن الأمر لا يتعلق بطبيعة الـ «دارك نت» وإنما بطبيعة مستعمليها، وهذا ليس موضوع هذا المؤلَّف.


هذا المؤلف الذكي دليل استعمال للـ «دارك نت» وفوائدها وتبديد المفاهيم المغلوطة عنها، بل حتى الأساطير التي كثيراً ما تربط بها، ولذلك فإنها ليست بنية شريرة أو معقلاً مثالياً للحرية.
يذكر الكتاب القراء بأن الـ «دارك ويب» لم يصممها إرهابيون أو مجرمون، وإنما حكومة الولايات المتحدة الأميركية بهدف حماية اتصالاتها من القرصنة والتجسس الرقمي، ولم يفرج عنها للاستعمال العام إلا بعد مرور عقد على الانتهاء من تصميمها واستعمالها.
كما يعرض المتصفحات الثلاث وهي freenet, i2p, tor.
يلخص الكاتبان محتوى المؤلف الذي يضم تسعة فصول على النحو الآتي:
الفصل الأول «ما الدارك وِيب؟»: يُطلع القارئ على أسلوب الكتابة وعلى بعض الجوانب الأكثر تقنية مكثفة في شبكة الـ «دارك وِيب».
الفصل الثاني «تاريخ الإنترنت والدارك وِيب»: يركز على شرح كيفية جعل «الدارك ويب» ممكنة ومناقشة نظرية المعلومات وعلوم الحاسوب والإنترنت وتكنولوجياتها.
الفصل الثالث «كيفية عمل الدارك وِيب: التفاصيل المظلمة»: يركز على تفاصيل كيفية عمل الدارك وِيب.
الكاتبان اختارا صياغة الفصل الرابع «تمييز الحقائق من الحكايات: هل الدارك ويب مظلمة حقاً؟» ليكون محادثة مثل سؤال وجواب. يتعامل الفصل مع مجموعة من الخرافات المحيطة بالدارك وِيب ورد المؤلفين عنها.
الفصل الخامس «كيفية الدخول إلى الدارك وِيب» دليل لتثبيت منصات الدارك وِيب الثلاث المذكورة أعلاه، ويشرح أوجه التشابه والاختلاف بين الأنظمة الأساس.
الفصل السادس «كيفية التصفح في الدارك ويب» يهدف إلى المساعدة في مواجهة تحدٍّ كبير لمنصات الدارك ويب ومنها عدم وجود محرك بحث (الدارك وِيب أتم تركيب محركه الخاص به واسمه torch)، إضافة إلى الحديث عن تاريخ تلك المواقع وتوفير فهرس واسع لها مرفقة بمعلومات عنها وإرشادات حول ما إذا كان الكاتبان يوصيان بزيارتها.
شرح فوائدها وتبديد المفاهيم المغلوطة عنها


الفصل السابع «الاعتبارات القانونية والأخلاقية المرافقة للدارك وِيب» خصصه الكاتبان للحديث في تاريخ النشاط غير المشروع على شبكة الدارك ويب وتمييز الجوانب الإيجابية من السلبية.
الفصل الثامن «البحوث والتحيز للدارك ويب» يحوي محاولة الكاتبين تعزيز النقاش حول الدارك ويب.
الفصل التاسع «جني ثمار الدارك ويب» يتحدث عن كيف كانت مشاهدة الإنترنت في أوائل تسعينيات القرن الماضي وعن شبكة الدارك ويب اليوم بهدف ترغيب القارئ باستكشاف هذه الشبكة.
يختم الكاتبان مقدمة المؤلف بالقول: «امنح هذا المؤلف فرصة بقراءته، ثم اسمح لشخص آخر بقراءته ثم ناقشا محتواه وفيما إذا ينبغي حماية هذه التكنولوجيا أو مراقبتها أو السماح لها بالانتهاء في مسارب
النسيان».

Casting Light on the Dark Web: A Guide for Safe Exploration. matthew Beckstrom and Brady Lund. Rowman & Littlefield, 132p - 2019