من المعروف أن أقدم رواية خيال علمي عربية تعود إلى الفترة الواقعة بين عامي 1268 و1277 وتحديداً إلى «الرسالة الكاملية في السيرة النبوية»، أي «اللاهوت الذاتي»، التي عُرفت أيضاً باسم «رسالة فاضل بن ناطق/ كتاب فاضل بن ناطق». تعدّ الرواية في جوهرها أول رواية فلسفية، كتبها ابن النفيس ويمكن رؤيتها على أنها مثال مبكر لرواية الخيال العلمي، ومثالاً لقصة من العمر المبكر والجزيرة الصحراوية. أما «ألف ليلة وليلة»، ونظراً إلى كونها خيالاً علمياً أوّلياً (Proto-Science Fiction)، فقد قدمت قصصاً خيالية عن الروبوتات والمغامرات تحت الماء والرحلات عبر الكون. أما في العصر الحديث، فقد قادت مصر إعادة إحياء الخيال العلمي العربي في أربعينيات القرن الماضي من خلال إنتاجات مثل الدراما الإذاعية التي بثها يوسف عز الدين عيسى، حيث كان يروي للجمهور المصري النشوان قصصاً عن حمير فائقة الذكاء تغلبت على البشرية المتفوقة عليها، وعن الأشعة فوق البنفسجية التي تشع على الأرض، فتجعل سيم البشر جميعاً تبدو متطابقة، دوماً وفق المؤلّف إيان كامبل في كتابه «روايات الخيال العلمي العربية» (بلغرايف ماكميلان ـــ 2018).

يواصل كامبل استعراض الأدباء العرب المشاركين في هذا النوع الأدبي، فيذكر المصريين نبيل فاروق وأحمد سويلم وأميمة خفاجي ونهاد شريف ومحمد العشري، والمغربيين محمد عزيز الحبابي ومحمد عبد السلام البقالي، والعراقيين قاسم الخطاط وعلي كريم كاظم، والسوري طالب عمران صاحب العديد من روايات الخيال العلمي. ويضيف أن آخرين تبعوا ذلك بإصدارهم روايات وقصصاً قصيرة في نوع الخيال العلمي، ومنهم الكويتية الراحلة طيبة أحمد الإبراهيم، والسعودي أشرف فقيه، والموريتاني موسى ولد ابنو، والأردني سليمان محمد الخليل، والسورية لينا كيلاني. ويستكمل بأن ترجمة رواية الخيال العلمي «يوتوبيا» للروائي أحمد توفيق (صدرت ترجمتها الإنكليزية عام 2011) كانت حاسمة في إثارة اهتمام الغرب بأدب الخيال العلمي العربي.
كذلك، ينوّه بتصاعد الاهتمام بروايات الخيال العلمي في الخليج الفارسي حيث خُصّصت احتفاليات ومهرجانات لهذا الصنف الأدبي، كما قام الروائي السعودي إبراهيم عباس بتأسيس «رابطة الخيال العلمي العربي ـــ يتخيّلون» بالشراكة مع ياسر بهجت. أما الكاتبة الإماراتية نورا النعمان، فقد كتبت رواية الخيال العلمي «أجوان». ويضاف إلى ذلك أعمال القطرية صوفيا الماريا والسينمائية الفلسطينية لاريسا صنصور، مع تنويه خاص برواية «الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل» للفلسطيني إميل حبيبي. يختصر الكاتب مهمّة دراسته، ومجال اهتمامها الأساسي، بـ«استكشاف أدب الخيال العلمي العربي باستخدام مصطلحاته وتلك العائدة إلى منتقديه، خصوصاً تلك التي تعود إلى النقاد العرب»، ما يعني بالضرورة ملامسة النظريات التي طوّرها النقاد الغربيون لفهم كيفية عمل أدب الخيال العلمي. وقد خصّص الكاتب الأقسام الأربعة الأولى لمسائل نظرية ذات صلة بالمادة على النحو الآتي: بعد المقدمة، يأتي جزء «أدب ما بعد الاستعمار وأدب الخيال العلمي العربي»، ثم «أدب الخيال العلمي العربي ـــ التعريفات والجذور»، و«نقد أدب الخيال العلمي العربي ونظريّته».
أعادت مصر إحياء هذا النمط في الأربعينيات عبر إنتاجات الدراما الإذاعية التي بثّها يوسف عز الدين عيسى

أما الأقسام التالية فقد خصّصها الكاتب لتحليل روايات محددة على النحو الآتي: «الوَحشَة المزدوجة في رواية نهاد شريف قاهر الزمن»، و «الاستمرارية في داخل التمزق في روايتي مصطفى محمود»، و«يوتوبيا» كونها نقداً للطوباوية في رواية صبري موسى «السيد من حقل السبانخ»»، و«تحديق الرجال كونه تحديقاً استعمارياً في رواية أحمد عبد السلام البقَّالي «الطوفان الأزرق»»، و«التصوف وأدب الخيال العلمي في رواية السوري طالب عمران «خلف حاجز الزمان»»، وأخيراً «الإرث والتناص في سلسلة من ثلاث روايات لطيبة أحمد إبراهيم». ينهي الكاتب عمله باستنتاجات تضم مراجعة مختصرة لما سبق، معرباً عن أمله بالاعتراف بأدب الخيال العلمي العربي نوعاً أدبياً ناضجاً يستحق الدراسة الجادة من علماء الأدب العربي وكذلك من علماء أدب الخيال العلمي بشكل عام. لا يقتصر الكتاب على عرض المادة وإسهامات الروائيين العرب في مجال أدب الخيال العلمي، بل يتجاوز ذلك إلى الإسهاب المفيد في تحليل مقارن لبعض الروايات، وربط ذلك بالنظريات القائمة عن أدب الخيال العلمي في الغرب وكذلك في البلاد العربية. هذه بعض جوانب هذا المؤلف الفريد والمثير في آن واحد، لكن لا يمكن منحه حقه من الاهتمام في هذا العرض المختصر، وننصح القراء بالعودة إلى هذا المؤلف كي تكتمل صورة البحث لديهم.

Arabic Science Fiction. Palgrave Macmillan (2018). xi 322 pp. Ian Campbell.